يعتبر موقع يوتيوب محرك البحث الثاني بعد العملاق غوغل، ومن أشهر وسائل الإعلام العامة وأكثرها صداره و لا أظن أنه يوجد أحد يتعامل مع الشبكة العنكبوتية في وقتنا الحاضر ولم يسبق له استخدم هذا المحرك إما باستثمار الفيديوهات عليه كمقدم محتوى، أو كمشاهد مستفيد من هذا المحتوى سواء كان بمشاهدة الدروس التعليمية أو الأفلام أو سماع الموسيقى أو لمجرد المرح والتسلية، وبالطبع فإن أرشيف محرك البحث الضخم هذا يتزايد يوماً بعد يوم، ويزداد الموقع استخداماً وتصفحاً من كلا الجانبين.
بالنسبة لي شخصياً قد يتجاوز استخدامي ليوتيوب  استخدامي لجوجل في بعض الحالات، وخاصة عند الحاجة إلى الاهتمام في مجال الدروس التعليمية التفاعلية، وما أكثرها حضوراً عند صديقنا العزيز يوتيوب.
كل هذا جميل ورائع ولكن ماذا لو اصطدمت كمستخدم عادي بأحد الممارسات الخاطئة لبعض المستخدمين الآخرين أو كنت أنت شخصياً أحد ضحايا هذي التصرفات غير المبررة التي سأتطرق في مقالي هذا إلى البعض منها فقط.
بعد مشاهدتك لفيديو ما في حالة من الهدوء النسبي، يحصل بأن تقوم بالنزول إلى منطقة التعليقات لتشاهد آراء الناس، لتشاهد هذه الكوارث.
إن السب والشتم أسلوب الضعيف وقليل الحيلة، ويكفي انطلاق أول شرارة فقط سترى حمم بركانية تتساقط تباعاً من كل حدب وصوب في خانة التعليقات.
دعونا نكن منصفين، ونفترض العكس هذه المرة ولنقل إن صانع المحتوى هو من بدأ في استثارة حفيظة شريحة معينة من الناس وفقاً لإنتمائهم الوطني أو الفكري أو الأيديولوجي أو حتى السياسي في هذه الحالة قد أراحنا موقع يوتيوب من كل هذه المساجلات الشرسة والألفاظ الخارجة بزر dislike، وبما أنه ليس كل المحتوى المطروح على حد متساوي من عدم الإعجاب أو الاستنكار دائماً، ويوجد هنا حل عبقري آخر وهو أن تصعد رفضك السلمي على هذا الفيديو بأن تتخذ إجراء البلاغ على محتوى غير ملائم بعيداً عن كل الحروب الكلامية الطاحنة ويكفينا ما بنا من مشاهد الحروب اليومية التي نراها في عالمنا العربي.
لا عجب أن يكون الفيديو في وادٍ و التعليقات في وادٍ آخر، فعلى سبيل المثال لا للحصر شاهدت فيديو عن الطبخ و فجاءة وبلا مقدمات انحدرت التعليقات إلى هاوية الطائفية وهنا يبدأ صراع الثيران المجنون ولك أن تتخيل كمية التعصب والتطرف التي قد ترد جزافاً في مثل هذه الحالات وتبدأ انهزامات الواقع المرير تنفش ريشها في عالم افتراضي لا يعلم فيها أحدهم على من &ndash تحديداً &ndash يصب غضبه المحموم و إن كان الجميع ضحية بلا استثناء.
ولا يتوقف الأمر هنا فحسب و إنما نجد تعليقات متطرفة على كافة الأصعدة حرفياً حتى في فيديوهات الرياضية وكرة القدم وما شابهه، ومن أشكال الخروج عن الموضوع أيضًا موضوع تبادل الاشتراكات الذي أصبح مقرفًا، ومزعجًا للمشاهدين ولمنشئي المحتوى على حد سواء، ولا نعلم ماهي الفائدة من ذلك، وماهي الفائدة التي يرجوها هؤلاء حتى لو نجحوا في جمع بعض اشتراكات من حسابات أو أشخاص لن تشاهد ولا تتفاعل مع المحتوى الذي سينشروه في حال أنهم قاموا بالنشر بالفعل. هذه الظاهرة بالذات، وظاهرات شبيهة تستحق مقالًا منفصلًا.
ما الداعي لأن تعلق -مثلاً- في فيديو أحداهن قد طحنها المرض وقلة العافية بأن هذا عقاب سماوي بلا شك لأنها لبست هذا او خلعت ذاك !!! وكأنك تعلم أسباب كل المسببات ومبتدأ ومنتهى جميع العلل والغايات.
ما الفائدة التي جنيتها أنت لنفسك أو نفعت بها صاحب/ة الشأن  من وراء هذا التفسير العبثي غير الأذى وجرح الناس؟ ما الداعي أن تعلق على فيديو أحدهم متوعداً بالويل والثبور وعواقب الأمور؟  ما الداعي لكل هذا الكم من التشفي والشماتة والهراء الأسود؟
يوتيوب هو مكان يفتح لنا باب العلوم على مصراعيه، و يمَكِنُنا من الدخول إلى عوالم المعرفة من أوسع أبوابها لا لأن ندس أنوفنا في أقدار الناس كلما سنحت لنا الفرصة البائسة.
كل ما سبق ذكره بالطبع سيعكر صفو أي شخص سوي عند رؤيتها وليس فقط كاتب هذه السطور وهذا ما دفعني بشدة للكتابة عن بعضها ونقدها ع أمل أن تخف حدة هذه الموجه الدخيلة على أخلاقنا و إنسانيتنا.
إذا لم تكن من أصحاب الأمراض الواردة أعلاه فأنا حقاً أرفع لك القبعة و أحييك.. أنت حقاً إنسان رائع!