لا أحد يُصبح ناجحاً مُنذ الخُطوة الأولى، ولا مشروع يبدأ من نقطة النهاية.
لن تكون اليوم قارئاً لمقال عن طريقة الوصول إلى النجاح في سبع خُطوات، أو أهم مُميزات البيضة الإلكترونية وغيرها من المقالات. اليوم أنت بصدد قراءة قصة قصيرة، بطلها مُبرمج يُدعى Kevin Systrom ودعنا نتفق على استخدام Systrom للإشارة إليه خلال الأسطر التالية. القصة تدور حول تطبيق بدأ من لا شيء، حتى أصبح كل شيء.
تطبيق Instagram حالياً أو Burbn &ndashاسم أحد أنواع الويسكي- سابقاً هو في الوقت الحالي أشهر وأفضل تطبيق لمُشاركة الصور ومقاطع الفيديو بشكل لحظي ويحتوي على العديد من المُؤثرات والإضافات للصور التي تُمكنك من صُنع تُحف فنية ومُشاركتها مع أصدقائك ومُتابعيك. أرح ظهرك، واصنع فنجاناً من القهوة، واستعد للغوص في قصة Instagram.
وُلِد Systrom في ماستشوستس بهوليستون في عام 1983. والدته هي Diane وهي تعمل كـ Marketing Executive في شركة Zipcar، أما والده Douglas Systrom فهو نائب رئيس قسم الموارد البشرية في شركات TJX. درس Kevin في مدرسة Middlesex في Concord بماستشوستس حيث تعلم برمجة الحاسب. وحينها انتقل اهتمامه من لعب Doom 2 إلى صُنع مُستوياته الخاصة. وقد قام في إحدى المرات بصُنع برنامج يخدع أصدقائهم بإيهامهم أنه يقوم بإختراق حسابات AOL الخاصة بهم.
تخرج في عام 2006 من جامعة Stanford بدرجة بكالريوس في العلوم الإدارية والهندسة وقد كان عُضواً في أُخوة Sigma NU.  وقد بدأ أول مشروعاته عندما تم إختياره كواحد من بين إثنا عشر ليُشارك في برنامج Mayfield Fellows في جامعة Stanford، ومن ثم انتقل ليتدرب في شركة Odeo، وهي الشركة التي جلبت لنا موقع التغريد المُصغر Twitter.
بعدما أنهى دراسته بالجامعة التحق Systrom بشركة غوغل كمُساعد مُدير لتسويق المُنتجات، حيث عمل على Gmail و Google Calendar و Docs و Spreadsheets وغيرها من المُنتجات، وقضى هناك عامان. وقد التحق أيضاً في يناير من عام 2009 بشركة Nextstop.com كمُدير مُنتجات، وهي عبارة عن مشروع لإقتراحات التجوال والسفر تم شرائه من قِبل Facebook في سبتمبر من عام 2010.
سمعت بكل تأكيد عن تطبيق Foursquare، التطبيق الذي كان في فترةٍ ما مُنافساً ونداً قوياً للشبكات الإجتماعية الحالية. نتحدث هنا تحديداً في أواخر عام 2009، عندما ذاع صيت Foursquare للغاية، ولنُعطي نبذة عنه لمن لا يعرف، فإن تطبيق Foursquare هو تطبيق مُشاركة للمواقع التي تقوم بزيارتها لتُصبح مع الوقت عُمدة للموقع الذي تزوره كثيراً وبهذا يستطيع التطبيق أن يُوفر معلومات عن كافة الأماكن التي يزورها مُستخدميه من خلالهم.
كان Systrom بالفعل قد قام بصُنع عِدة تطبيقات سابقة في أوقات فراغه منها تطبيق صنعه لأخوية Sigma NU كان يختص بمُشاركة الصور فيما بينهم، وقد اكتشف في ذلك الوقت شغفه بالتصوير، حتى جائت نهاية عام 2009، حيث وجه كامل تركيزه على صُنع تطبيق لهواتف iPhone يستطيع هزيمة تطبيق Foursquare وما يمتلكه من عناصر بعناصر أُخرى مُستوحاه من لعبة Mafia Wars وهي لُعبة مُطورة بواسطة Zynga مُطورة City Ville الشهيرة.
كتب Systrom على موقع Quora:
&ldquoرأيت أنه بإمكاني صُنع نموذج لفكرة بواسطة HTML 5 والحصول على بعض الأصدقاء، وقد استطاع هؤلاء الأصدقاء أن يقوموا بإستخدام النموذج بدون عناصر دعائية أو تصميم على الإطلاق.
أطلق Systrom اسم Burbn على تطبيقه، وهو التطبيق الذي كان يعمل بشكل أساسي كوسيلة لمُشاركة المواقع مثله مثل Foursquare، ومن ثم يستطيع المُستخدمين أن يقوموا بعمل خطط مُستقبلية بواسطة المعارف، والحصول على النقاط من خلال الخروج والتسكع مع الأصدقاء، وكل ذلك بجانب مُشاركة الصور.
كانت المشكلة التي واجهها Systrom في البداية هي المال، لذلك كان يعمل حينها بدوام كامل بشركة Nextstop.com، مما لم يكن يُتيح له فرصة أن يقوم بإدارة مشروعه الخاص، لذا فكان كل ما يحتاجه في ذلك الوقت هو وجود المال الذي يُغنيه عن عمله الحالي ليتفرغ بشكل كامل لما قد يكون شركة فيما بعد، من يعرف؟
لم يكن بطلنا ذا حظ قليل، ففنجان من القهوة أدى به لأن يترك عمله، ومن ثم يحصل على 500 ألف دولار ليبدأ بها شركته ويبحث عن الفريق الذي سيُساعده. وذلك عندما جلس مع شخصين من Baseline Ventures و Andreessen Horowitz، وعرض عليهم نموذجه الأولي وأصبح يمتلك ذلك القدر من المال خلال أسبوعين من كلٍ من Baseline و Andreessen Horowitz.
قام بعد ذلك Systrom بالبحث عن أعضاء لفريق عمل شركته الجديدة، وكان أول من قام بتوظيفهم هو Mike Krieger، الشريك المُؤسس الحالي ل Instagram، وهو مُهندس برازيلي كان حينها بعمر 25 عاماً عمل ب Meebo في وقتٍ سابق.
كان لقاء المُؤسسين في برنامج Mayfield Fellows بجامعة Stanford، ووهو برنامج مُدته تسعة أشهر للعمل والتعلم بجامعة Stanford مُصمم لتعليم الشباب طريقة إدارة الشركات التقنية.
وقد كتب Systrom في حديثه عن Krieger في منصة Quora للأسئلة:
&ldquoبمجرد إنضمامه، أخذنا خطوة للوراء وألقينا نظرة على المُنتج، وقد قررنا أنه إذا ما كنا نطمح لبناء شركة، فسنحتاج إلى التركيز على أن نكون جيدين فعلاً في شيء واحد فقط.&rdquo
كانت هذه هي مشكلة تطبيق Burbn الحقيقية، فالتطبيق لم يكن مُركزاً في مجالٍ واحد فقط، فقد كان بالإمكان فعل الكثير عليه وذلك لإمتلاكه العديد من الخواص، وهو ما كان يُصعب الأمر على المُؤسسين كون التركيز على شيء واحد ليس كالتركيز على شيئين أو أكثر، وقد كتب Systrom مُعلقاً على هذه النُقطة:
لقد كان التطبيق مُشوشاً ومغمور بالمُميزات، ولكن من بين كل تلك المُميزات كانت إضافة ومُشاركة الصور أكثرهم شيوعاً بين الناس. وكان هذا ما حدث، ففي أغسطس قام المُؤسسان بخطوة خطيرة للغاية، كانت لتودي بكل ما وصلوا إليه حتى تلك اللحظة، وكان قرارهما أن تكون هذه هي آخر أيام تطبيق Burbn، وليبدأ عصر جديد مع تطبيق جديد بالكامل من نقطة البداية.
وقد علّق Systrom قائلاً:
&ldquoلقد كان من الصعب حقاً أن نُقرر أن نبدأ من الصفر، ولكن كان يجب علينا فعل شيء ما، وما فعلناه كان أن نقوم بقطع كل شيء في تطبيق Burbn بإستثناء خاصية رفع ومُشاركة الصور به والتعليقات وإمكانية الإعجاب والذين استمروا فيما بعد.&rdquo
وبدأت حينها رحلة بناء تطبيق جديد بالكامل والأول من نوعة الذي يختص ويختص فقط في رفع ومُشاركة الصور، تطبيق Instagram.
نصل هنا للحقبة الجديدة والتي قد نعُدها الحقبة الرئيسية ما قبل الأخيرة في تاريخ التطبيق. سُمي التطبيق Instagram كاسم مُشتق من كلمتين هُما Instant أي فوري، و Gram والتي جائت من Telegram أي البرقية كما أنها &ndashحسب ما قال Systrom- بدت أيضاً كالكاميرا.
استمر عمل Systrom و Krieger لمدة ثمانية أسابيع بعدما قاما بإغلاق Burbn وذلك في عملية تطوير وتحسين تجربة إستخدام Instagram وإصلاح أخطائه وقد قاموا بإعطائه للأصدقاء كي يتمكنوا من تجربته وإعطائهم آرائهم ومُتابعة المشاكل معهم وقد كان من ضمن تلك المشاكل على سبيل المِثال مُشكلة وجود رمز &ldquo@&rdquo في كلمة السر والتي كانت تتسبب في توقف التطبيق.
وجاءت الليلة الموعودة، السادس من أكتوبر عام 2010، أخيراً تم الإنتهاء من صُنع أحد أهم التطبيقات الإجتماعية وأهم تطبيق لمُشاركة الصور في التاريخ إلى حد هذه اللحظة. وتم الضغط على زر إطلاق تطبيق Instagram وسط تغطية صحفية ضخمة ممن كانوا يُتابعون بإهتمام خطوات وكانت المُفاجأة مُدوية وصادمة حتى للمُؤسسين أنفسهم وذلك بوصول عدد المُستخدمين للتطبيق خلال أول 24 ساعة إلى 25 ألف مُستخدم مما أدى إلى زيادة التحميل على الخوادم الخاصة بهم حتى أن Krieger و Systrom لم يعودا إلى منازلهما حتى السادسة صباحاً من اليوم التالي كي يتمكنوا من إعادة تشغيل الخوادم وزيادة قدرتها على تحمل المُستخدمين.
كان هذا العدد مهولاً في ذاك الوقت من عام 2010 كون التطبيق قد صدر على هواتف iPhone فقط والتي لم يكن قد مر عليها أكثر من ثلاثة سنوات وعدد المُستخدمين لم يكن كما هو الآن فكان هذا الفشل في تحمل الخوادم يُعد نجاحاً ساحقاً ومُدوياً لفريق Systrom و Krieger كونهما قد قاما بالفعل بتقديم شيء جديد حتى أنه يختلف عن Path والذي وجده Systrom أثناء بحثه عن التطبيقات المُتواجدة في فئة التصوير على متجر Apple والذي كان يُجبر المُستخدمين على الإشارة لأصدقائهم في الصور رُغماً عنهم مع بعض الإختلافات الأُخرى.
بعد ذلك، ومع إطلاق Apple لهاتف iPhone 4 والذي كان بمثابة نقلة نوعية حينها من حيث الكاميرا والتي كانت أخيراً جيدة كفاية لتُمكن المُستخدم من إلتقاط صور يُمكن الإحتفاظ بها وتذكر تفاصيلها، أصبح إستخدام التطبيق أكثر شيوعاً، إضافةً إلى زيادة رصيد Apple من المُستخدمين مما مثّل قاعدة جيدة يُمكن الإرتكاز عليها من جانب تطبيق Instagram.
على عكس التطبيقات الأخرى والتي نجد في سيرتها الذاتية مُعاناة في رحلتها للوصول للمليون الأول من المُستخدمين، فإن تطبيق Instagram لم يُعاني المِثل كونه قد وصل إلى المليون الأول من المُستخدمين خلال الثلاثة أشهر الأولى من إطلاقه، وما لبث أن وصل إلى اثنان مليون، حتى وصل إلى سبعة ملايين مُستخدم بعد سبعة أشهر من إطلاقه.
لاقى التطبيق الكثير من الإستحسان من المشاهير مُحبي التقنية أمثال Justin Bieber و Ryan Seacrest الذين سارعوا بإقتناء التطبيق والتسجيل ومُشاركة صورهم وحياتهم اليومية عليه مما جعله بيئة مُناسبة لمُحبي مُتابعة هؤلاء المشاهير أيضاً وبهذا صنع جمهوراً جديداً. وقد وصلت نجاحات التطبيق لأن يُصبح مُصطلح &ldquoTo Instagram&rdquo مُصطلحاً تقنياً مُتعارفاً عليه يعني مُشاركة الصور على Instagram.
لم يظل تطبيق Instagram على حالته التي بدأ عليها، بل ظل يستمر في إضافة الكثير من المُؤثرات على الصور مع إمكانية التعليق عليها والإعجاب بها وغيرها الكثير من الخصائص التي أُضيفت خلال العامين التاليين لإطلاقه، وهذا ما قد لاحظه Mark Zuckerberg المُؤسس والرئيس التنفيذي ل Facebook، حيث لاحظ أن نسبة رفع ومُشاركة الصور على موقعه لم تعد كالسابق حيث أصبح الجميع يُركز على مُشاركة الصور عبر منصة مُشاركة الصور المُتخصصة Instagram ومن ثم يُمكن أن يُشاركها عبر Facebook. إضافةً لذلك فقد كانت الأعين من شركات مثل Google و Twitter وغيرهم تتجه لشراء وليد الإنترنت الجديد، بالإضافة إلى وجود شبكة Pinterest المُخصصة لمُشاركة الصور أيضاً، فكان أمر شراء تطبيق Instagram من مُؤسسيه حتمياً على Zuckerberg. وهو ما قام به بالفعل في أبريل من عام 2012 في خبر مُدوي عندما أعلن إمتلاكه لتطبيق Instagram.
حاول تطبيق Instagram قدر المُستطاع أن يُحافظ على هيئته السابقة ونظامه حتى بعد أن تم شرائه من قِبل Facebook وهو ما اعتدنا عليه من Facebook التي تقوم بشراء التطبيقات والمشاريع وتترك الإدارة لمُنفذيها مع نسبة تدخل بسيطة للغاية في إدارة الأمور من حيث إدارة التطبيق نفسه أو الإدارة المالية له، فحافظ التطبيق على بساطة واجهته والخصائص الأساسية به، إلا أنه أضاف خاصية مُشابه لخواص Facebook التي تُمكنك من الإشارة إلى أصدقائك في الصور، كما أنه قد أضاف الصور الإعلانيه التي تظهر في صفحتك الرئيسية للإعلان عن المُنتجات أو الصفحات أو الخدمات. ولم يحدث تغيير في كل هذه الأشياء خلال السنوات التالية حتى تم تغيير الشعار مُؤخراً وتبعه تحويل الواجهة إلى واجهة Material Design عصرية.
في نوفمبر من عام 2012 أطلقت الشركة موقعها على الإنترنت والذي يُتيح لك مُشاهدة الصور عن طريق المُتصفح على الحواسيب والهواتف المحمولة، إلا أنه كان ذا خصائص محدودة للغاية فبالكاد تستطيع التصفح والإعجاب والتعليق ومازالوا يُضيفون كل فترة خاصية جديدة في نسخة المُتصفح من التطبيق كان آخرها إضافة مُربع البحث.
أكون هنا قد وصلت لنهاية قصة تطبيق Instagram، تلك الأيقونة الصغيرة التي تحمل ورائها الكثير والكثير، بالتأكيد لن تنتهي القصة اليوم، فكل يوم هناك جديد سواء في تطبيق Instagram أو أية تطبيق آخر، ولكن دعوني قبل أن أُنهي المقال، أذكر بعض الحقائق والأرقام الهائلة الخاصة بهذا التطبيق.
كانت هذه بعض من الحقائق والأرقام حول تطبيق Instagram، وليُدلي كلٍ منكم بما يعرفه ليُزيدنا من العلم من خلال التعليقات في الأسفل، ولتتشاركوا في ما استفدتم به من هذه القصة التي لم ولن تنتهي في خلال سنوات قليلة بالتأكيد.