تصنيع الحاسب.
 
هو أحد الاختراعات التي غيّرت مجرى الحياة بأكملها، والذي فتح باباً لظهور العديد من الاختراعات من بعده، وتطوّر التكنولوجيا بشكلٍ غير مسبوقٍ في العهد البشريّ بأكمله إلى ما نراه من حولنا حاليّاً، وكلمة الكمبيوتر استُعملت لأوّل مرةٍ في بدايات القرن السابع عشر لتدلّ على البشر الذين يقومون بالحسابات، وقد بقي استعمالها كذلك حتى تغيّر معناها في القرن التاسع عشر إلى الآلات التي تمّ اختراعها، والتي تقوم بالعمليّات الحسابيّة.
 
الآلة التحليليّة
ففي بدايات القرن التاسع عشر اخترع تشارلز بابيج أوّل آلةٍ حاسبة، وهي التي أسماها الآلة التحليليّة، إلّا أنّ مشروعه توقّف حينها لعدم اقتناع الحكومة البريطانيّة به وسخريتها منه، وبالتالي توقّف الدعم عنه بالرّغم من محاولاته اللاحقة في إعادة تصميمه بشكلٍ أفضل، وقد نفّذ المتحف البريطانيّ تصميماته اللاحقة، ووضعها في المتحف البريطانيّ، وشغّلها في عام 1991 احتفالاً بمرور قرنَين على مولده.
 
آلة تورنغ
أمّا الكمبيوتر الذي نراه في وقتنا الحالي فقد تمّ بناء أساساته والفرضيّات المستخدمة في بنائه على النموذج الذي وضعه آلان تورنغ، والذي يعدّ مؤسّس علم الكمبيوتر الحديث، فقد كان النموذج وهو ما يسمّى بآلة تورنغ مؤلّفاً من شرائط ورأس للكتابة والقراءة، وتعدّ الآلة نموذجاً بسيطاً يُحاكي جهاز الكمبيوتر، ويُعطي وصفاً دقيقاً للخوارزميّات الرياضيّة، والتي تعدّ أساساً في عمل الكمبيوتر، فتستطيع آلة تورنغ القيام بجميع الخوارزميّات، التي ينفذّها الكمبيوتر بكيفيةٍ مبسّطة، وهو ما يساعد في فحص الخوارزميّات من حيث كونها قابلةً للتنفيذ على جهاز الكمبيوتر أم لا.
 
بداية الكمبيوتر الحديث
اخترع كونراد تسوزه المهندس الألمانيّ في عام 1941م أوّل جهاز حاسوب، والذي كان اسمه Z3 بعد نموذجَين سابقَين له وهما Z1 ما بين 1936 إلى 1938 و Z2 في عام 1939، فكان هذا الجهاز هو أوّل حاسوبٍ قابلٍ للبرمجة، ويعمل بشكلٍ تلقائيٍّ كامل، وقد تمّ تصنيع هذا الجهاز من ألفي مُرَحِّل (relay) -المرحل هو مفتاح كهربائيّ صغير الحجم، يُستخدم للتحكّم بدارة كهربائيّة عالية الجهد الكهربائيّ، أو عالية الطاقة عن طريق دارة أخرى منخفضة الجهد الكهربائيّ، ومن الاستخدامات الشهيرة له في الوقت الحالي هو المرحل المستخدم لتشغيل السيارة، وقد كان يستخدم نظام العد الثنائيّ أيضاً بعكس التصميمات السابقة لتسوزه، والتي كانت تستخدم نظام العدّ العشريّ صعب القراءة في كثيرٍ من الأحيان.
 
وقد تطوّرت صناعة الكمبيوتر فيما بعد ففي عام 1942 انتهى تطوير حاسوب اتاناسوف-بيري والذي يعدّ أوّل حاسوب رقميّ، وهو ما سميّ نسبة إلى مخترعَيه البروفيسور جون اتاناسوف وكليف بيري، وقد حصلا في عام 1973 على براءة اختراع، وسمّي اتاناسوف بمخترع الحاسب الرقميّ الإلكترونيّ، وقد تمّ استعمال الأنابيب المفرغة في هذا الكمبيوتر من أجل الحسابات الرقميّة.
 
وأمّا حاسوب ENIAC فهو باعتبار الكثيرين يعدّ أوّل حاسوبٍ رقميٍّ بسبب عمله بشكلٍ كامل، وقد تمّ البدء بتصميمه في عام 1943 في الولايات المتّحدة، وانتهى العمل به في عام 1946 على يد بيرسبير ايكيرت وجون موكلي، ويقع هذا الكمبيوتر على 1800 قدم مربع ويتكوّن من 18000 أنبوب مفرغ، ويزن خمسين طنّاً.