مما لا شك فيه أن هذه شبكة فيسبوك قد اكتسبت شهرة واسعة في العالم العربي و الغربي خلال السنوات الأخيرة.. فسواء كنت طالبًا أو موظفًا أو ماكثًا في بيتك فأنت تستخدم هذا الموقع بكثرة في مجال تخصصك .. الأم و الأب ، الابن والابنة والجد و الجدة .. كلهم أمسوا من رواد موقع فيسبوك.
فيسبوك كما نعلم هو عبارة عن موقع للتواصل الاجتماعي أسسه مارك زوكربيرغ سنة 2004 في جامعة هارفارد وكان هدفه الوحيد جعل العالم تسهيل التواصل بين مختلف أنحاء العالم و مشاركة الثقافات و تسهيل الأمور المهنية و تيسيرها و للرفاهية أيضا !!
لكن بعض المستخدمين بالغ في استعماله لهدف الرفاهية . فأصبح فيسبوك يمثل كل حياته .. يشغل كل أوقاته..فتحولت الرفاهية إلى كآبة . و تحولت المتعة إلى كارثة حقيقة
إدمان فيسبوك هو كأي إدمان آخر ..فهو نفسه إدمان الهروين .. و هو نفسه إدمان ألعاب الفيديو .. هو إدمان له نفس تأثير باقي الإدمانات الأخرى . هو إدمان يجعلك منطويًا على نفسك .. حزينا كئيبًا سلبيًا ..هاربًا من مختلف النشطات الاجتماعية و الرياضية .. هو إدمان يجعلك تقضي الساعات الكثيرة في غرفتك متكئا على فراشك مستأنسًا بكآبتك و مشاكلك. هو إدمان يجعلك تتهرب من المحادثات و الحوارات .. يسلب منك الثقة في النفس .. يمتص كل مهاراتك و يخربها. يسرق منك الصورة الحقيقة الجميلة عن معنى الحياة.
و مما لا ريب فيه أن اعترافك بإدمانك هو أول خطوات العلاج و التخلص من هذه المشكلة. لهذا سأعرفك على بعض مظاهر إدمان الفيسبوك ليسهل عليك تصنيف نفسك إن كنت مدمنًا بالفعل أم مستخدمًا عاديًا مسيطرًا على وقته و حياته.
الكثير من الدراسات العالمية التي قامت بها جامعات كبرى أثبتت أن إدمان الأطفال على فيسبوك يؤثر بشكل مباشر في طريقة تكوين شخصية الطفل، و السبب في ذلك يعود إلى أن التمييز بين الحياة الافتراضية و الحياة الواقعية ليس واضحًا و ربما ليس موجودًا بالنسبة للطفل، فبعض الأطفال خجول و بعضهم الآخر انطوائي فالتواصل الاجتماعي في هذه الحالة يشكل الوسيلة المفضلة و الوحيدة لديهم.. أضف لذلك أن إدمان الفيسبوك عند الأطفال يسبب خلطًا واضحًا في القيم و المبادئ التي يجب أن يتكونوا عليها . فيصبح الطفل مهتمًا بعدد الاعجابات و التعليقات في صورته .. هذا ما سيسبب اهتمام الطفل المبالغ في رأي الآخرين .. حيث يربط وسامته و شكله برأي الناس و التي تكون عبارة عن تعليقات سلبية أو ايجابية ..فكثرة التعليقات الايجابية على صوره سيعطي الطفل انطباع ايجابي حول نفسه و عادة ما يكون هذا الانطباع هو الغرور . أما إن حدث عكس ذلك و كانت التعليقات سلبية و هو الشائع في مجتمعاتنا فذلك سيعطي الطفل نظرة كارثية عن نفسه و شكله .. و في كلتا الحالتين يكون المتضرر الوحيد هو الطفل !
إضافة إلى تضييع الوقت فإن إدمان فيسبوك له مخاطر عديدة على نفسية و شخصية البالغ ..كالاكتئاب و الحزن الشديد و الضيق و الشعور الدائم بالملل و الضياع و الأسى و الندم ..إضافة إلى الانطواء و العزلة و التهرب من جميع النشاطات المختلفة كالرياضة و السفر و التسكع مع الأصدقاء.
نسمع يوميا أن إدمان فيسبوك أدى ببعض المراهقين إلى الانتحار !! نعم الانتحار و لا أبالغ في هذا.. فدرجة الاكتئاب العالية عند بعض المراهقين أدى إلى الانتحار ، و ذلك يرجع إلى الساعات الطويلة التي يقضيها هؤلاء على منصة فيسبوك و التي مع الوقت تؤدي إلى نتائج كارثية !!
الساعات التي تقضيها يوميا في موقع فيسبوك هي جزء من حياتك، و التي بالمناسبة تعيشها مرة واحدة فقط . فتقنيًا أنت عبارة عن جثة تعيش فترة معينة من الزمن على هذا الكون لتترك مكانها لجثث أخرى جديدة، قم بتنظيم وقتك وليكن لديك وقت محدد لتصفح فيسبوك واستغل باقي الوقت استغلالًا جيدًا في مصلحة نفسك و غيرك.
اقرأ كتابا.. مارس رياضة … تعلم هواية أو مهارة…تعلم لغة جديدة .. اكسب المزيد من الأصدقاء .. سافر و تعرف على ثقافات أخرى .. اذهب للسينما و شاهد فيلم مشوق .. اكتب كتاب و انشر أفكارك.. ساعد فقيرًا … تعلم الطبخ .. تعلم البرمجة .. قرر فجأة أن تنضم لنادي اليوغا .. قرر فجأة أن تتعلم العزف على البيانو .. مارس أي شيء يفيدك أو يفيد غيرك و لا تبقى ساكنًا في غرفتك ممسكا هاتفك مسجونا في حسابك.