قصة اختراع ساعة اليد نبذة عن حياة ابراهام لويس مخترع ساعة اليد الشعبية المتزايدة لساعة اليد تطور ساعة اليد عبر التاريخ مستقبل ساعات اليد
تُعتبر ساعة اليد واحدة من أروع الاختراعات في التقدم التكنولوجي للبشرية، حيث تُعتبر جديدة نسبيًا في سجلات التاريخ، ومع ذلك وفقًا لمعايير التكنولوجيا الحديثة، طوال تاريخها كانت ساعة اليد في بعض الأحيان ضرورة مطلقة لا يمكن الغنى عنها، وفي حالات أخرى كانت مجرد إكسسوار أزياء، وفي أوقات أخرى، كلاهما، حتى اليوم تُعتبر ساعة اليد البسيطة قد عفا عليها الزمن، مع ذلك يستمر صانعو الساعات في إنتاج وبيع ساعات أحدث وأكثر إبداعًا، لفهم الجاذبية الدائمة لساعة اليد، نحتاج إلى إعادة النظر في أصلها ودراسة المراحل العديدة لتطورها، وهذا ما سنناقشه في هذا المقال.
قصة اختراع ساعة اليد:
اليوم تسبق الساعات العصر، مع وجود الساعات المائية والساعات الشمسية التي تعود إلى الفترة الزمنية المعروفة باسم “قبل المسيح”، تمّ اختراع أول ساعة ميكانيكية في القرن الثالث عشر بعد الميلاد، وهو إنجاز هائل من شأنه أن يمهد الطريق لأول ساعة يد بعد عدة قرون، ثم ّ تم اختراع ساعات الجيب قبل ساعات اليد بفترة جيدة، حيثُ تمّ تصنيع أولها عام 1574 في سويسرا، صانع هذه الساعة غير معروف، لكن تصويرها للقديس جورج من جهة والصلب من جهة أخرى يعكس الحماسة الدينية للعصر، حظر المصلح الفرنسي جون كالفين ارتداء المجوهرات، ممّا دفع صائغي المجوهرات السويسريين إلى التدافع لتعلم مهنة جديدة.
عرضت ساعات الجيب الأولى الساعة فقط، حيثُ تمت إضافة عقرب الدقائق في عام 1680، وجاء عقرب الثواني بعد حوالي عقد من ذلك، مقارنة بالساعات الميكانيكية التي سيتم اختراعها بحلول نهاية القرن القادم، كانت هذه آلات بدائية إلى حد ما، لكنها بشرّت بثورة ضبط الوقت القادم، وهذا ما مهّد الطريق على صناعة ساعة اليد، أدّى القرنان السابع عشر والثامن عشر إلى ازدهار هائل في شعبية الساعة بشكل عام، وساعة الجيب على وجه التحديد، جاءت أولاً ساعة البندول في عام 1656، والتي حصل عليها العالم الهولندي كريستيان هويجنز، هذا التطور الذي استخدم الإيقاع الموثوق للبندول لضبط الوقت، جعل الساعات أكثر دقة.
في عام 1770، اخترع عالم الساعات السويسري أبراهام لويس بيريليه آلية ذاتية الملء للساعة، خلال النصف الأخير من القرن الثامن عشر، سمحت التطورات الأخرى للساعات بأن تكون أرق وأكثر دقة وأكثر تعقيدًا في تصميمها الداخلي، معًا ستجعل كل هذه التطورات في مجال الساعات ساعة اليد الشخصية ممكنة، في العام 1812 حيث كانت ملكة نابولي كارولين بونابرت، الأخت الصغرى لنابليون امرأة طموحة وذكية، كانت أيضًا حريصة على الأثاث الجميل والحدائق والمجوهرات.
هذه الخاصية الأخيرة هي التي أدخلتها في هذه القصة، حيثُ أهدى عالم الساعات السويسري والفرنسي أبراهام لويس بريجيه الملكة بأول ساعة يد من الناحية الفنية، تمّ اختراع ساعة كان يُراد ارتداؤها على الذراع سابقًا لملكة أخرى، الملكة إليزابيث الأولى، لكن ساعة اليد الحديثة هي شبه مباشر للأسلوب الذي ابتكره بريجيه، لسوء الحظ يبدو أنّ الساعة الفعلية قد ضاعت مع مرور الوقت، لكن وجودها ساعد في تغيير مسار الوقت نفسه.
نبذة عن حياة أبراهام لويس مخترع ساعة اليد:
كان أبراهام لويس بريجيه صانع ساعات اليد، الذي ولد في نيوشاتيل بسويسرا عام 1747، له اختراعات عديدة رائدة عززت تاريخ الساعة بمقدار 200 عام، أطلق عليه أقرانه لقب “ليوناردو دافنشي عالم صناعة الساعات”، ولد بريجيه الابن الأول لجوناس لويس بريجيه، وهو سليل عائلة بارزة عاشت في منطقة نوشاتيل منذ ما قبل الإصلاح البروتستانتي، تزوجت والدة بريجيه من صانع ساعات بعد وفاة زوجها في العام الحادي عشر لبريغيه، في سن الرابعة عشرة، ترك المدرسة ليتدرب على صانع ساعات محلي في (Les Verrières)، مع خطط ليصبح صانع ساعات رئيسي.
بعد عام انتقل إلى فرساي في فرنسا لتحسين تقنياته في صناعة الساعات، هناك اكتسب معرفة بالفيزياء والبصريات وعلم الفلك والهندسة الميكانيكية من الأب ماري المتعلم، وهو رجل دين ظل على اتصال وثيق به، ساهمت المعرفة التي جمعها في فرنسا في أنشطته الملهمة والغزيرة في صناعة الساعات لبقية حياته، في عام 1775 عندما كان يبلغ من العمر 28 عامًا، أسس بريجيه العلامة التجارية “Breguet” لساعات اليد من استوديو جديد في “Quai de l’Horloge”، في نهر السين في باريس، في نفس العام تزوج من سيسيل ماري لولييه، ابنة عائلة برجوازية.
ولد طفلهما الأول، أنطوان لويس، في العام التالي في السنوات القليلة التالية مات طفلاه الثاني والثالث بسبب المرض، وفي عام 1780 توفيت زوجته سيسيل عن عمر يناهز 28 عامًا، عانى بريغي من حزن عميق ولم يتزوج مرة أخرى، ومع ذلك عندما كانت أسرته تحتضر، اخترع بريجيه “Perpétuelle”، وهي ساعة يد عمل عليها خلال سنوات طويلة من الدراسة، كانت “Perpétuelle” هي الخطوة الأولى في صناعة الساعات.
في العقود التالية، اخترع سلسلة من الساعات التي كانت مبتكرة على الإطار التكنولوجي، حازت ساعات اليد التي صنعها بريجيه على ثناء من العائلة المالكة والنبلاء، ونخب أوروبا، بما في ذلك الملك لويس السادس عشر وماري أنطوانيت، كان بريجيه على دراية تامة بأحدث التطورات العلمية خارج مهنته في صناعة الساعات المتقدمة، ساعده فضوله ومعرفته الواسعة في أن يصبح أحد أعظم المخترعين في تاريخ ساعات اليد، إنّ العديد من ابتكاراته واسعة النطاق ساهمت في صنع الساعات الميكانيكية التي يتم إنتاجها اليوم.
الشعبية المتزايدة لساعة اليد:
مع إنشاء أول ساعة يد لملكة عصرية، ليس من المستغرب أن تصبح ساعة اليد من الملحقات الشهيرة للنساء في القرن التاسع عشر، في الواقع كان حصريًا إكسسوار نسائي طوال القرن، من المحتمل أن يظلوا كذلك لفترة أطول لولا، كما أسماها سكوت فيتزجيرالد “الهجرة التوتونية المتأخرة المعروفة باسم الحرب العظمى”، لقد غيرت الحرب العالمية الأولى العالم بطرق لا حصر لها، سواء كانت رائعة أو رهيبة، ولكن في هذه القصة يكون تأثيرها على الساعات هو الأكثر أهمية في ساحة المعركة، طُلب من الجنود حمل الكثير من المعدات على أجسادهم وفي أيديهم.
كانت ساعة الجيب مجرد قطعة إضافية من المعدات تستحوذ على ممتلكات ثمينة على الزي الرسمي، قدمت ساعة اليد حلاً واضحًا لهذه المشكلة، كانت القوات الألمانية ترتدي ساعات المعصم منذ عام 1880، ولكن لم يبدأ الجنود الأمريكيون في ارتداء هذه الساعات حتى عام 1910، عندما عادت القوات إلى الوطن، حيثُ اعتادوا على ارتداء الساعات، كان من الواضح أنّ صورة بطل حرب يرتدي ساعة يد كانت قوية للغاية، الإعلانات صممت نفسها عملياً، زعم أحد هذه الإعلانات أنّ ساعة اليد ستجعل الرجل “أكثر شبهاً بالجنود وأكثر قتالية وذكورية” أصبحت ساعة اليد رسميًا قطعة أزياء للجنسين حيث ازدادت شعبيتها ومكانتها.
تطور ساعة اليد عبر التاريخ:
حتى القرن العشرين، كان تطوير الساعة القابلة للارتداء عملية تدريجية، حتى مع استمرار علماء الساعات في ابتكار طرق جديدة لميكنة ساعاتهم، بعد الحرب العالمية الثانية، دخلت ساعات اليد في فترة طويلة من التطور السريع والمدهش، شهدت فترة ما بعد الحرب تطوير ساعات لظروف قاسية تتراوح من الغوص في أعماق البحار إلى استكشاف الفضاء وكل شيء بينهما، مع مرور العقود اكتسبت الساعات جميع أنواع الوظائف والميزات التي جعلتها أكثر من مجرد ساعات.
في سبعينيات القرن الماضي أحدثت “ثورة الكوارتز”، كان إنشاء ضبط الوقت بالكوارتز الذي يعمل بالبطارية بمثابة نعمة لمشتري ساعات المعصم، خاصة وأنّ اهتزازات الكوارتز هي وسيلة أكثر دقة للحفاظ على الوقت من أي جهاز ميكانيكي، لسوء الحظ، بالنسبة لصانعي الساعات الميكانيكية، وخاصة في سويسرا، كانت الثورة بمثابة أزمة، بدأت العلامات التجارية الأوروبية التي بنت سمعتها في صناعة الساعات الميكانيكية الراقية تخسر فجأة أرباحها لصالح الشركات الناشئة، ومعظمها في آسيا.
عادت الساعات الميكانيكية وصناع الساعات إلى الظهور في الثمانينيات، وعلى الأخص مع طرح سواتش، ومع ذلك غيرت الساعات التي تعمل بالبطارية الصناعة وأصبحت الساعات الرقمية متاحة الآن على نطاق واسع، ساعة الكوارتز الرقمية (على عكس التناظرية) أكثر دقة من الساعة الميكانيكية، بالتأكيد لكن الساعات الميكانيكية تصنع بعناية أكبر وبأسلوب أدّق، بصراحة لهذا السبب تمّ تقسيم الجمهور الذي يشتري الساعة في الغالب في العقود القليلة الماضية بين أولئك الذين يحتاجون إلى ساعة لأغراض عملية، وأولئك الذين يستمتعون فقط بمظهر ساعة ميكانيكية راقية.
مستقبل ساعات اليد:
لا أحد يستطيع أن يقول على وجه اليقين ما الذي ستجلبه بقية القرن الحادي والعشرين لساعة اليد، ليس من غير المعقول تمامًا أن نتمكن من رؤية ساعة اليد تسير في طريق المونوكل لأنّ التقنيات الأخرى وخاصة الهاتف الذكي، تحلُ محل الحاجة إليها، من ناحية أخرى في السنوات القليلة الماضية، دخلت الساعات الذكية، القادرة على أداء العديد من الوظائف مثل الهاتف الذكي تقريبًا، إلى السوق بشكل كبير، من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الساعات الذكية ستلحق بالجمهور بشكل عام أم لا، ولكن إذا كان التاريخ قد علّمنا أي شيء، فمن المؤكد أنّ ساعات اليد هي واحدة من أكبر التقنيات القابلة للتكيف في العالم.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.