نتيجة قرب القمر من الأرض وتأثيره القوي في حياة الإنسان فقد أخذ مركز مهم في أفكار الشعوب وتخيلاتها، منذ بداية الحياة البشرية حتى عصر الفضاء الحالي، الذي وصل فيه الإنسان إلى سطح القمر فعلياً، وعندما وصل الإنسان للقمر تمكن من أن ينتقل في دراسته له من مرحلة الرصد البعيد إلى مرحلة الدراسة المعتمدة على الحس والمشاهدة، وقد كانت بداية هذا الانتقال هي المرحلة التي نفذها إنثان من رواد الفضاء الأمريكيين في سفينة الفضاء (رحلة أبوللو 11) يوم 20 يوليو سنة 1960، حيث تجول كل من أرمسترونج وألوين على سطح القمر وعملا على التقاط الكثيرًا من الصور، كما أنهما جمعا الكثير من عينات الصخور والتربة.
وفي 12 نوفمبر عام 1970 قام رائدان آخران برحلة مشابهة في (رحلة أبوللو 12) وأخذا المزيد من الصور وجمعا المزيد من العينات، وقد أخذت الملاحظات التي سجلها الرواد والدراسات التي قام بها العلماء على الصور والعينات كثيرًا من الضوء على طبيعة القمر، فأصبحت المعلومات الخاصة به ذات دقة وتفاصيل كثيرة.
يميل البعض من العلماء إلى الاعتقاد بأن القمر لا يعتبر تابع للأرض فقد، وإنما هو عبارة عن كوكب قائم بذاته، وهو على كل حال ذو حجم أصغر من الأرض بكثير، حيث أن حجمه يساوي 50/1 من حجمها، ويبلغ طول قطره تقريباً 3480 كيلو مترًا أي أكثر قليلًا من 4/1 قطر الأرض، ومتوسط كثافته 3.34، ويعد أقل من متوسط كثافة الكرة الأرضية.
لهذا السبب فإن كتلة الأرض تعادل كتلته 81 مرة، كما أن جاذبيته تعادل 6/1 الجاذبية الأرضية، ولذلك فإن الشخص الذي يسير أو يقف فوق القمر يحس دائمًا بأنه خفيف جدًّا، لدرجة أنه يمكن أن يقفز إلى أعلى دون بذل أي مجهود، إن متوسط البعد بين القمر والأرض يعادل 263.600 كيلو متر، أما الفلك الذي حولها يكون عبارة عن 2.4 مليون كيلو متر تقريبًا.
وغير ذلك فإنه من الممكن أن يدرك المرء بأن سطح القمر ليس كله ذو طبيعة واحدة، فبعض أجزائه يظهر بلون داكن وبعضها الآخر يبدو بلون فاتح، وقد ساعدت المناظر الفلكية المتقدمة حتى قبل عصر الفضاء على تفسير الكثير من الحقائق الخاصة بسطح القمر بدرجة أمكن معها رسم بعض الخرائط له.
وقد ظهرت في هذه الخرائط ثلاثة أشكال رئيسية للتضاريس، وأول هذه التضاريس هي البحار وهي عبارة عن مسطحات كبيرة لا يوجد فيها أي ماء، ويظهر سطحها رماديًّا داكنًا، ويرجع السبب في ذلك إلى أن سطحها مغطى بطبقة من اللافا البازلتية والرماد البركاني الناعم، وكثيرًا منها تغطى بتربة هشة ناعمة من الرماد قادمة من فتات الصخور، ويكون سمك هذه التربة كبيرًا في بعض المواضع، بحيث يصل إلى بضعة أمتار، وقد تم تسمية هذه البحار بأسماء خاصة على مثل البحر الهادئ Mare Ttanquilitatis وبحر الأمطار Mare Imbrium وغيرهما.
وأغلبها أسماء يونانية قديمة تم اكتشافها منذ زمن جاليليو، والذي كان له الفضل الأكبر في معرفة الكثير من معالم سطح القمر خاصةً بعد أن قام باختراع التلسكوب، ومن تضاريس القمر أيضاً وجود الجبال وهي المناطق العالية التي تفصل البحار عن بعضها البعض، ويمتد بعضها على هيئة سلاسل طويلة مرتفعة، بينما يبرز بعضها الآخر على هيئة قمم بركانية منعزلة، وقد تم منح هذه الجبال أسماء أغلبها مأخوذ من أسماء جبال الأرض مثل جبال الألب وجبال الأبنين وغيرها، وعلى الرغم من أن بعض سلاسل هذه الجبال تعلو عن البحار المجاورة لها بحوالي 6000 متر إلا أنها لا تكون واضحة للشخص الواقف على سطح القمر إلا في حال كان قريبًا منها.
ونظراً لأن البعد عن هذه الجبال يكون بنحو كيلو متر فإنه من الصعب على إدراكها أو مشاهدتها؛ نظراً لأنها مائلة مع الأفق نتيجة صغر حجم القمر، وتبدو جبال القمر فاتحة اللون بالنسبة للبحار التي حولها، يوجد الكثير من الفوهات في سطح القمر، حيث تكون بأعداد كبيرة جدًّا، وتقدر كميتها ببضع مئات الآلاف، حيث تشبه فوهات البراكين، والبعض منها تعد فوهات بركانية، إلا أن معظمها عبارة عن فجوات نتجت بسبب ارتطام النيازك والشهب بسطح القمر.
وبعض الفوهات ذات حجم كبير جداً، بحيث يصل قطرها إلى بضع عشرات من الكيلو مترات، ومثل هذه الفوهات يمكن ملاحظتها وتصويرها من الأرض من خلال الاستعانة بالمناظر المقربة، ومع ذلك فإن معظم الفوهات صغيرة الحجم، وكثير منها لا يزيد قطره عن بضعة أمتار، وهذا ما تم تسميته بتضاريس سطح القمر.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.