المرحلة الثانية من الصراع بين الملك سعود وفيصل

الكاتب: سامي -
المرحلة الثانية من الصراع بين الملك سعود وفيصل
نبذة عن الصراع بين سعود وفيصل في مرحلته الثانية:
سرد أحداث الصراع بين سعود وفيصل:
محاولات الملك سعود في حل الصراع:
انتقاد القاهرة للنظام الإقطاعي في السعودية:
نبذة عن الصراع بين سعود وفيصل في مرحلته الثانية:

 

وافق سعود على استقالة فيصل وحكومته، حيث قام في ذلك الوقت في تعيين وزراء جدد. وتضمنت الحكومة الأميرين طلال بن عبد العزيز ومحمد ابن سعود اللذين أسندت إليهما على التوالي وزارتا المالية والدفاع. وكان محمد يعتبر واحداً من أبناء سعود الذين تعقد عليهم آمال كبار، وولياً يتحمل المسؤولية. وعين أحد أنصار طلال وهو عبد المحسن وزيراً للداخلية بينما عين بدر وزيراً للمواصلات. وأسندت وزارة النفط والمعادن إلى الوجه القومي المعروف الشيخ عبد الله الطريقي. ولأول مرة في تاريخ البلد استلم أشخاص لا ينتسبون إلى العائلة المالكة غالبية الحقائب وإن لم تكن سياسية في الوزارة.

 

إنّ عودة الملك سعود في ديسمبر 1960 كانت تعني القدوم المؤقت لميول المناوشة للغرب التي كانت سائدة في فترة 1954 – 1956. وقد ارتبطت ظنون سعود اتجاه الأمريكان بالنزعة القومية “للأمراء الأحرار”. وفي مارس 1960 أعملت السعودية الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لن تجدد اتفاقية القاعدة الجوية في الظهران التي كانت سينتهي مفعولها بعد سنة. وأعلن الملك سعود أن السبب الرئيسي لذلك هو مساعدة الولايات المتحدة إسرائيل. وفي إبريل 1962 سلمت الولايات المتحدة قاعدة الظهران للحكومة السعودية. وبذالك أصبحت لدى هذه الحكومة واحد من أكبر المطارات في العالم. هذا علماً بأن العسكريين الأمريكان عادوا إلى القاعدة بعد ستة أشهر تقريباً إثر أحداث اليمن.

 

في 25 ديسمبر 1960 أصدرت إذاعة مكة أن مجلس الوزراء وافق على تأسيس مقر وطني منتخب جزئياً، وقرر وضع مسودة للدستور. ولكن الإذاعة بعد ثلاثة أيام رجعت لتنفي الخبر. وكان من الواضح أن الملك سعود لا يريد التنازل لحلفائه المؤقتين من الأمراء الشباب. ولكن تلميحات إلى الإصلاحات أخذت تظهر في الصحف السعودية.

 

نشرت الجريدة اللبنانية ما جاء في مسودة الدستور، المكونة من مئتي مادة والتي وضعها حقوقيون مصريون بأمر من طلال وزملائه من مجموعة الأمراء الشباب. ويبدو أنّ هذه المسودة سربت إلى الخارج عن قصد، ولكن مدير الإذاعة والصحافة السعودي نفى الخبر الزاعم بأن الملك هو الذي عرض مسودة الدستور.

 

تشكلت داخل الأسرة الحاكمة في السعودية العديد من المراكز متنازعة على السلطة قدر عددها بثلاث مراكز. فقد كان الملك سعود يتكل إلى مجموعة من الأمراء وبعض مشايخ القبائل ليقوموا في مساعدته، بينما يكتسب فيصل بمساعدة مجموعة أخرى من الأمراء والكثير من علماء الدين وتجار الحجاز المتنفذين، أما المركز الثالث فقد ترأسه طلال المتمتع بتأييد فئة المثقفين الناشئة من خريجي الجامعات الأجنبية وعدد من الموظفين.

 

سرد أحداث الصراع بين سعود وفيصل:

 

ظلّ الصراع داخل الأسرة المالكة الميزة الرئيسية للحياة السياسية في البلد طيلة عام 1961. وكان الانتقال من معسكر إلى آخر أمراً طبيعياً. فإن عبد الله بن عبد الرحمن وعدداً آخر من أخوان الملك وأعمامه سرعان ما انتقلوا إلى جانب فيصل. ومن مجموعة الأمراء الأحرار انضم طلال وبدر وعبد المحسن إلى مجلس الوزراء وعين فواز حاكماً للرياض. واستقال نواف من منصب وزير الداخلية وظل محايداً، وسرعان ما عين رئيساً للديوان الملكي .

 

نظراً لزيادة المعارضة صدر إيجاز خاص لحماية النظام الملكي، نص على أن تكون عقاب الجرائم المتخذة ضد الأسرة المالكة والدولة الإعدام أو السجن المؤبد. وصارت عقوبة الإعدام تهدد كل من يحاول تغيير النظام الملكي أو يتطاول على أمن الدولة أو يسعى لشق القوات المسلحة.

 

قامت مجموعة فيصل بالهجوم على طلال متجنبة المساس بالملك. وأخذ الذين يناصرون فيصل سراً أو علانية، يرجون للملك بأن التجديدات سوف تؤدي به إلى الهلاك وحذروه من الوزراء الجدد. وفي الوقت ذاته عمل أنصار فيصل على عرقلة إجراءات الأمراء الأحرار. وكان المحافظون من آل سعود وكبار الموظفين يتحالفون في نشاطاتهم مع الأوساط الدينية، التي خشيت من إن تؤدي الإصلاحات إلى الانتقاص من دور علماء الدين في البلد.

 

قوبلت محاولات طلال لتنظيم المالية بمقاومة سعود ورجال حاشيته الذين لم يعودوا إلى السلطة لتقييد جشعهم. ويقول طلال في مذكراته أن الملك شارك في المضاربة بالأراضي مما أضر بمالية الدولة، وكانت له حصة من المقاولات الحكومية، وحصل على مبالغ طائلة بإيصالات مزيفة مستخدماً موظفي وزارة المالية. ورفض سعود اقتراح طلال بتصليح شركة الكهرباء الأهلية في الرياض للحضور على واردات إضافية. واستغلت جماعة فيصل هذه المحاولة لتحريض الأوساط التجارية ضد طلال وسائر الأمراء الأحرار وبثت إشاعات تزعم أن طلال يعتزم تأميم المؤسسات الصناعية والشركات التجارية.

 

محاولات الملك سعود في حل الصراع:

 

حاول الملك التوصل إلى حل وسط مع فيصل والتضيحة بطلال. وأصدر في 11 سبتمبر بياناً أقال فيه طلال وبدر وعبد المحسن من الوزارة. وفي 16 من الشهر نفسه عين الأمير نواف بن عبد العزيز، الذي كان يعتبر محايداً، وزيرا للمالية والاقتصاد الوطني، وأسندت المناصب الأخرى إلى أبناء سعود.

 

كان هناك عامل آخر كان ضمن الصراع بينهم، وهو صحة الملك، فقد ساءت إلى حد كبير، بحيث نقل سعود الذي فقد وعيه إلى المستشفى الأمريكي بقاعدة الظهران، ثم اضطر للسفر إلى الولايات المتحدة للعلاج. وقد يكون للأمريكان يد في ترحيله، لأن لهم مصلحة في إبعاد الملك الذي لا يرتضونه عن البلد. وقبل مغادرة البلد، ونزولاً عند إلحاح كبار أفراد العائلة الملكة عين سعود للقضاء على خصومه.

 

في مارس 1962 اضطر الملك بسبب سوء صحته إلى تعيين فيصل رئيساً للحكومة. وطالب فيصل بإقصاء الطريق من مجلس الوزراء. فوافق سعود، قلقت أرامكو من هذه الخطوة إذا أنها كانت تعتبر وزير النفط، كما يقول طلال، عدوها الأول. وكانت أرامكو، في التقارير المرفوعة إلى الحكومة السعودية تندد بنشاط الطريقي وتتهمه بالشيوعية. وهكذا عاد فيصل ليستلم السلطة الفعلية بعد خمسة عشر شهراً من أبعاده عن رئاسة الحكومة. وهكذا اشتد الصراع من جديد.

 

أمضى سعود السنة في أمريكا حيث أجريت له مجموعة من عمليات الجراحة. واستمر طلال التحدث عن الإصلاحات، فقد وجه إلى إجراء تغيير في مجال الشرع على أساس الجهد، الأمر الذي كان يعني عملياً إدخال أحكام قانونية جديدة على الشرع لضبط الظواهر الاجتماعية الجديدة. ولو فتح باب الاجتهاد لتمكنت فئات اجتماعية جديدة من تقديم مطالبها والاستناد إلى القيام وتفسير الشرع بما يتفق ومصالحها.

 

لم يلقَ طلال دعماً داخل البلاد فقام في المهاجرة. وفي عام 1962 عقد طلال مؤتمراً صحفياً ببيروت. وانتقد في تصريحاته المنشورة بصحيفة الأنوار النظام السعودي رغم أنه لم يذكر الملك بالاسم. وقال الأمير أن هدف مجموعته يتمثل في إقامة ديمقراطية دستورية في الإطار الملكي. وقد أيده أربعة أمراء هم عبد المحس بن عبد العزيز وبدر بن عبد العزيز وفواز بن عبد العزيز وسعد بن فهد.

 

وخوفاً من إثارة غضب الرياض قامت السياسة اللبنانية التخلص من الأشخاص المتمردين فغادروا إلى القاهرة. وأدت ثورة اليمن إلى زيادة نشاط المجموعة. في آواخر الخمسينيات واوائل الستينيات وقع الصراع على السلطة بين أفراد الأسرة الملكية فقط، ولكنه كان عرضة لتأثير مختلف النزعات السياسية. فقد كان برنامج مجموعة طلال يجسد الأفكار الإصلاحية الليبرالية القومية.

 

وعلى الرغم أن الأسرة المالكة كانت في صراع فيما بينها، إلا أنه لم يكن لديها أعداء أقوياء. فجيل الشباب المتعلمين القادمين من الفئات الوسطى، كان يمثل مجموعة ضئيلة جداً في الإحساء وجدة، وكان نشاطها، حسب المعلومات المتوفرة، على توزيع منشورات ونشر رسائل مفتوحة في الصحافة بالخارج.

 

كما كان تأثير قوة التحرير الوطني وهي منظمة سياسية ثورية معارضة. وكانت أهم مطالب الجبهة في إلغاء نظام الظلم الملكي وإقامة نظام برلماني، وتم القيام بتاسيس سياسة اقتصادية وطنية، وإعادة النظر في كل الاتفاقيات النفطية، والدعوة إلى الحياد الإيجابي، ورفض تأجير قاعدة الظهران.

 

أما التأثير الأكبر فقد كان للمحافظين سواء من حكام أو خبراء الدين أو مشايخ القبائل. وكان لذلك السبب بالأخص عدم مشاركة سعود شخصياً في مؤتمر بلدان عدم الانحياز في بلجراد لأن يوغسلافيا بلد شيوعي ملحد. وفي 28 سبتمبر 1961 انفصلت سوريا عن الجبهة العربية المتحدة. واعترفت الحكومة السعودية فوراً بالحكومة السورية الجديدة. وفي آواخر 1961 استمرت مجدداً الحرب الأعلامية بين إذاعتي القاهرة ومكة بعد أن كانت قد خمدت.

 

انتقاد القاهرة للنظام الإقطاعي في السعودية:

 

قامت القاهرة في انتقاد سيطرة النظام الإقطاعي في السعودية وزيادة الفساد فيه، بينما توجهة مكة للقول أنّ الرئيس عبد الناصر يقوم في التدخل في شؤون الدول العربية الأخرى، وقالت أنه يتساهل مقابل إسرائيل. وتأزمت العلاقات إلى حد جعل الحكومة السعودية ترفض قبول كسوة الكعبة من مسلمي مصر عام 1962. وفي الوقت ذاته جرى تقابل بين النظام السعودي والأردن.

 

في عام 1962 اجتمع سعود وحسين في الطائف، وقاموا في توقيع اتفاقية بخصوص تنظيم السياسة الخارجية وتطوير العلاقات في مختلف المجالات في الدولة، واتفقوا على تعين الحدود. وعرفت هذه الاتفاقية بميثاق الطائف، ولم يخفَ على أحد أنها كانت موجهة إلى مصر.

شارك المقالة:
124 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook