الإمارات في عهد الخليفة المُقتدر بالله: إمارة الأمويين في الأندلس: إمارة الأدارسة: إمارة الخوارج الأباضية في تاهرت: إمارة الخوارج الصفرية في سجلماسة: الإمارات في عهد الخليفة المُقتدر بالله:
هو جعفر بن أحمد المعتضد، ولد في ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان من عام (282 هجري)، وأمّه أم ولد تُكنى (غريب)، ولمّا مرض أخوه المُكتفي سأل عنه وعلم أنه بلغ الحلم فعهد إليه، ولا يزيد عمره على الثلاث عشرة سنة، ولم يلِ الخلافة قبله أصغر منه وبويع يوم الأحد لأربع عشرة مضت من ذي القعدة من عام (295 هجري).
جرت في هذه الأحداث الأخيرة تغيير جذري وبشكل ملحوظ في الإمارات فقد زال بعضها كدولة الأغالبة، ودولتي الخوارج، ودولة الأدارسة، ووجدت دول جديدة كدولة العبيديين (الفاطميون)، والدولة الحمدانية، وأعلنت الدولة الأموية الخلافة، وكذا أعلن العبيديون ذلك فأصبح ثلاثة خُلفاء في ديار الإسلام.
إمارة الأمويين في الأندلس:
توفي عبد الله بن محمد الأول عام (300 هجري)، وخلفه حفيده عبد الرحمن بن محمد بن عبدالله، وتمكّن عبد الرحمن أن يقضي على عمر بن حفصون المُرتد، وأن يخضع الأندلس كلها لحكمه بعد مضي على يد مؤنس الخادم واستبداد القادة العسكريين التُرك بالخلفاء فأعلن نفسه خليفةً عند ذلك.
وقد قاتل عبد الرحمن الذي حمل لقب الناصر الإمارات النصرانية في الشمال، وانتصر عليها في كثير من المعارك، كما تعرض للخطر العبيدي من الجنوب من بلاد المغرب، وقد ازدهرت الخلافة الأموية في الأندلس في عهده ازدهاراً كبيراً، وبقي في الحكم حتى توفي عام (350 هجري)، أي أن حُكمه قد دام خمسين سنةً.
إمارة الأدارسة:
بعد أن قُتِلَ يحيى الثالث بن القاسم بن إدريس عام (292 هجري)، وحكم ولاية أمر الأدارسة يحيى الرابع بن إدريس بن عمر بن إدريس وبايعه أهل فاس، ووصل سُلطته على بلاد المغرب الأقصى كلها، وكان عظيم القدر، عادلاً في رعيته، كثير الفضل، بطلاً شُجاعاً، ذا بيانٍ وفصاحةٍ، حافظاً للحديث، فقيهاً، صاحب دينٍ وورع.
دخل دولة الأدارسة عام (300 هجري)، برئاسة العبيديون مصالة بن حبوس، وقد لقي به الأمير يحيى بِقٌرب منطقة مكناس فانتصر على الأدارسة، وقام بمُحاصرة العبيديون فاس، مما أدى إلى يحيى بعقد الصلح على أن يقوم بدفع مبلغاً من المال، وأن يُبايع لعبيد الله المهدي فتم ذلك عام (303 هجري)، وأصبح مصالة بن حبوس أمير فاس، وابن عمه موسى بن أبي العافية أمير بلاد المغرب الأقصى.
ولما عاد مصالة بن حبوس عام (309 هجري)، إلى فاس غدر موسى بن أبي العافية بصدره على يحيى بن إدريس فقام بإلقاء القبض عليه، وطرده إلى بلاد الريف، ثم سجنه موسى بن أبي العافية، ثم أطلق سراحه بعد عشرين سنة فقصد بلدة المهدية عاصمة العبيدين فمات بها عام (332 هجري).
وعندما سُجِنَ يحيى بن إدريس قام بتولية مصالة بن حبوس على منطقة فاس ولكن لم يبقى إلى أن هجم على الحسن بن محمد بن القاسم عام (310 هجري)، وسيطر على فاس، وقام بقتل ريحان الكثامي، وأخذ البيعة من الناس، وبدأ في قتال موسى بن أبي العافية غير أن الحسن قد مات عام (312 هجري)، واستولى موسى على دولة الأدارسة الذين لجأ أكثرهم إلى بلاد الريف، وكانوا زُعماء فيها، وتُعد هذه الدولة قد انتهت.
خلع موسى بن أبي العافية الفاطميين، وقام بدعوة للآمويين في الأندلس. فبعث عبيد الله المهدي أُسطولاً إليه ففرَّ موسى منه تاركاً وراءه مدينة فاس، إلا أن قائد الفاطميين على فاس قد مات، وعاد موسى بن أبي العافية إلى نفوذه ويدعو إلى أمويي الأندلس وذلك بعد وفاة عبيد الله المهدي عام (322 هجري).
رُغم القضاء على دولة الأدارسة فقد قام القاسم بن الحسن المتوفى (337 هجري)، يدعو إلى العبيديين، وبرز، ووراءه ولده أحمد المُلقب بأبي العيش يعمل للعبيديين، ثم لم يلبث إلى أن انتقل إلى الأمويين في الأندلس يدعو لهم، وسيطر على المغرب الأقصى، وتوفي عام (348 هجري)، ثم قام أخوه محمد أبو القاسم وسيطر على بلاده العبيديون في النهاية عام (375 هجري).
إمارة الخوارج الأباضية في تاهرت:
بعد أن دخل أبو عبد الله رقادة وهي قاعدة من قواعد الأغالبة سار إلى سجلماسة قاعدة الخوارج الصفرية، غير أنه في طريقه قد عرج على تاهرت، وكانت الدولة الأباضية قد وصلت إلى مرحلة في مُنتهى الضعف. والتنازع على السلطة، وقد جاءه بعضهم وهونوا عليه دخول تاهرت فبعث إلى يقظان ابن أبي اليقظان وبنيه فجاءوه فقتلهم.
وسار إلى عاصمتهم فدخلها، وقتل كل من فيها من الأسرة الرستمية، ولم ينجُ منهم إلا من فرَّ ثم استباح المدينة وأحرقها، وإذا كان أبو عبد الله قد نجح في القضاء على الأُسرة الرستمية إلا أنه لم يقضّ على المذهب الأباضي إذ تحصّن بعض الأباضية في (ورغلة) بصفتها واحة في الصحراء، وفي جبل نفوسة، ولم يستطع العبيديون دخول هاتين المنطقتين رُغم المحاولات.
إمارة الخوارج الصفرية في سجلماسة:
بعد أن دخل أبو عبد الله تاهرت ذهب إلى سُجلماسة، ووجد فيها عبيد الله المهدي وابنه نزار أبو القاسم مسجونين فيها، وأرسل أبو عبد الله الرسل إلى اليسع بن مدرار يُلاطفه، ويُبعد فكرة القتال خوفاً على عبيد الله إلا أن اليسع قد قتل رُسل أبي عبد الله فأعاد المُلاطفة وإرسال الرسل فأعاد اليسع قتل الرسل فما كان من أبي عبد الله إلا أن جدّ السير لحصار سُجلماسة.
فخرج إليه اليسع وجرى قتال ضارٍ بين الطرفين لم يُفرّق بينهما سوى هجوم الظلام، فلما جنّ الليل فرَّ اليسع وصحبه وأبناء أُسرته، وعندما كان الصباح خرج أهل المدينة لاستقبال أبي عبد الله وأعلموه أن اليسع قد فرَّ بجماعته، فدخل المدينة، وأخرج عبيد الله وابنه، وأرسل في طلب اليسع فقبض عليه فسجن ثم قُتل، وهكذا دالت دولة بني مدرار الخارجية من الصفرية.
ترك عبيد الله سُجلماسة وسار إلى رقادة في ربيع الآخر عام (297 هجري)، بعد أن بويع بالخلافة، وهكذا أصبح بعد عام (316 هجري)، ثلاثة خُلفاء في العالم الإسلامي، الخليفة العباسي في بغداد، والخليفة الأموي في قرطبة، والخليفة العبيدي في رقادة. وما أن وصل عبيد الله إلى رقادة واستقر بها حتى وقع الخلاف بينه وبين أبي عبد الله وحتى قام الخوارج الصفرية في سجلماسة بثورات ضد العبيديين وساعدهم على ذلك بُعد سجلماسة ونأيها على أطراف الصحراء.
والخلاف العقيدي بين العبيديين والصفرية، ومحاولة العبيديين فرض فكرتهم بالقوة، والمنكرات التي ارتكبوها، والمحرّمات التي فعلوها، وتهجمهم الصريح على صحابة رسول الله وعلى أُمهات المؤمنين، وهذا ما يتفق مع فكرتهم وأصولهم، كما ساعدهم على ذلك خلع موسى بن أبي العافية طاعتهم في فاس وبدأ نفوذ الأمويين في المغرب الأقصى ينتشر.
إذ دعا لهم موسى بن أبي العافية وبعضهم من توالي الأدارسة، ثم الخلاف الذي نشب بين أبي عبد الله وعبيد الله، وثورة كتامة بعد أن استبد عبيد لله بالأمر وتخلص من أبي عبد الله يُضاف إلى هذا كُره الناس للعبيديين بما اتخذوه من بطش وظلم وما فرضوه من ضرائب، وما فعلوه في سجلماسة.
قام عبيد الله ببعث قائده إبراهيم بن غالب المزاتي لينوب عنه على سُجلماسة عندما غادرها إلى رقادة، ولم يبقى إلى أن هجم الصفرية في العام نفسه وقتلوا إبراهيم بن غالب المزاتي وجنده الخمسمائة الذين بقوا معه، وولّى الصفرية عليهم الفتح بن ميمون الملقب بـ (واسول)، ولم يستطع عبيد الله إعادة نفوذه إلى سجلماسة لما عنده من شغل في قضية أبي عبد الله وثورة كتامة.
وإنما كان الفتح يظهر شيئاً من التقية بعدم الثورة، وبقي الفتح صاحب النفوذ في سجلماسة حتى توفي عام (300 هجري)، فبايع الصفرية عندها أخاه أحمد بن ميمون فبقي كذلك حتى عام (309 هجري)، حيثُ أرسل عبيد الله القائد مصالة بن حبوس فدخل سُجلماسة وقتل أحمد بن ميمون، وقد حاول مُصالة بن حبوس استرضاء الصفرية فلم يُعيّن لهم والياً وإنما ولّى المعتز بن محمد بن ساور بن مدرار ثم بعد مُدة جعله عاملاً لعبيد الله واستمر في أمره حتى توفي عام (321 هجري).
سار المهدي العبيدي عام (301 هجري)، يُريد مصر ومعه أربعون ألف مُقاتل، وحال النيل دون تقدّمه شرقاً، والوصول إلى الفسطاط، فرجع إلى الإسكندرية وقتل فيها من قتل حسب هواه، وعاث الفساد، وتبعه جيش الخليفة المُقتدر وجرت بين الطرفين معارك في منطقة برقة هُزِمَ فيها العبيديون واضطروا للعودة إلى المغرب. وسيطر العبيديون على الفيوم، كما عاد القائم خليفة عبيد الله المهدي، وسيطر على الصعيد عام (306 هجري)، غير أن الخليفة المُقتدر أرسل له مؤنس الخادم في جيش هَزَمَ العبيديين، وأجبرهم بالرجوع إلى المغرب.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.