أعتقد أن المشكلة الأكبر في مدمني الفيسبوك أنهم لا يدركون بأنهم يزدادون فشلاً يوماً بعد يوم ، فيما مارك زوكربيرغ يزداد ثراءً حيناً بعد حين.
لكن ما الذي يدفعنا لإدمان الفيس بوك ؟ فلنحاول أن نعرف..
بداخل الغرف ، من وراء الجدران، من خلف الشاشات &ndash يجلس حسنين ليتكلم بكل ما يفيض به قلبه ، خصوصاً هذا الكلام الذي لا يستطيع النطق به في الواقع ، يغازل صديقته فيخبرها بأنه يراها أجمل من كيم كريدشان ، ويجدد حالته علي الفيسبوك ليخبر أصدقاءه بأنه مكتئب هذه الأيام ، وربما يصرّح ببعض معتقداته الدينية أو الاجتماعية التي لا يستطيع التفوّه بها في الواقع. يتيح لنا فيسبوك كل هذا بدون خجل ! ربما هذا يفسّر لماذا معظم الأشخاص يحذفون عائلاتهم من علي فيسبوك.
طالما وطأت عالم التواصل الافتراضي ، تصبح كلمة &ldquoأحبك&rdquo سهلة النطق، وكلمة &ldquoأكرهك&rdquo أكثر سهولة ، وتمسي الكلمات البذيئة أكثر انتشاراً وشيوعاً ، ويتفشّي &ldquoمدّعي العمق&rdquo كما يتفشي العفن في الخبز التالف.
لذا فمواقع التواصل الاجتماعي تربة خصبة لقول ما نخجل قوله أمام الناس.
حسنين لا يستطيع أن يعبّر عن مشاعره ، عندما يكون برفقة شخص ما ويشعر بالحب تجاهه يخجل من إخباره أو حتى التلميح بما يكنّه ، لكن من خلال فيسبوك، بضغطة زر يمكنك أن ترسل قلب أو اثنان ليفهم الآخر فوراً بأن صديقنا حسنين مغرمٌ به ، يمكنه أن يرسل صورة عليها عبارة رومانسية ، أو أن &ldquoيشير&rdquo إليه في فيديو أو صورة GIF متحركة ، في الفيسبوك لديك العديد من الخيارات ويمكنك بسرعة شديدة أن تصنع من الصداقة حباً ، أصبح الفيسبوك أشبه بالمدينة الفاضلة !
هذا يفسّر لنا انتشار هذه العلاقات &ldquoالبلاستيكية&rdquo بكثرة، هل فكّرت يوماً أن هذا كله وهم ؟
في &ldquoالواقع&rdquo، لا يوجد Likes أو Followers ، ربما تكون الأولى على هيئة تصفيق أو ضحك بعد إلقاء مزحة لطيفة لكنّها لا تكون صريحة ، غير أن الموقف يزول ويُنسى بمرور الزمن لكن الـ Post لا يزول ! بالإضافة إلى أنه أداة &rdquo ذكية &rdquo لعرض الأفكار ، فإذا شاركت بفكرة في مجموعة من الأشخاص من المرجّح أنهم لن يستمعوا لك ، وإذا استمعوا فلن تعرف بالضبط من الذي أعجبته فكرتك ومن الذي عدّها تافهة ، وأيضاً لن تعرف رأيهم في الأمر.
أما بالنسبة للـ Followers فلا أعرف ، ربما يجب أن تؤسس عصابة أو تقيم حفلاً راقصاً أو ربما عليك تترأّس جمعية ما لكي تعرف كم عدد &ldquoأتباعك&rdquo ، لكن كل هذه الطرق لن تكون بدقة العالم الإفتراضي.
هذا شيءٌ رائعٌ في العالم الإفتراضي أنا أحبه جداً، أمرٌ رائع أن تتحدث مع فتاة من استراليا أو عجوز من الهند أو سيدة من أمريكا ، أو حتى أن تتعرف على شخص من نفس الدولة لكنه يبعد عنك عشرات الأميال.
في &ldquoالواقع&rdquo يضطر حسنين أن يهتم بأكثر من شيء واحد ليقوم بمحادثة مع شخص ما ، عليه أن يعتني بنبرة صوته ، شكل ملابسه ، رائحته ، كيفية جلوسه أو كيفية سيره ، عليه أن يركز علي ملامح الشخص الذي يتكلم معه ، عليه أن يركّز علي ردود أفعاله بعد كل كلمة يلقيها ، أما على فيسبوك ، فكل ما عليه هو التركيز علي الكلمات فقط ، وربما الرموز التي تعبّر المشاعر، هذا الشئ يدفعنا بقوّة إلي تفضيل الفيسبوك علي الواقع.
هناك اختبار &ldquoغير موثوق&rdquo لمعرفة إلي أي درجة أنت مدمن علي الفيسبوك ، الاختبار عبارة عن ستة أسئلة ، وكل إجابة بـ&rdquoنعم&rdquo علي هذه الأسئلة تقرّب الشخص أكثر إلى درجة الإدمان. الإسئلة هي:
إذا أجبت بـ&rdquoنعم&rdquo علي أربعة أو أكثر من هذه الأسئلة، فأنت شخص &ldquoمدمن علي الفيسبوك&rdquo
حاول أن تخرج من هذا العالم البائس ، الواقع أفضل بكثير ، قضاء وقت &ldquoحقيقي&rdquo مع أصدقاءك أفضل بكثير من إمضاء الساعات في التحدث مع أشخاص لا تراهم ولا يشعرون بك ! بالإضافة إلى أن قصص الحب أجمل بكثير في الواقع .. استمتع !
