إجابة هذا السؤال من وجهة نظري الشخصية ستكون بقراءتك لكامل سطور هذا المقال، ومن بعدها سنرى ما هي خياراتك!
ولكن كفكرة مسبقة ربما تدور في بالك حاليًا لا تقل لي أنّ إيلون ماسك قد حذف حسابه، وبالتالي علي أنا أيضًا أن أحذف حسابي، لاعتبارات شخصية لا أعتقد أنّ ماسك بذات نفسه قد استخدم هذه المنصة، فهو مشغول باستعمار المريخ ولا مجال له لتكوين الصداقات والبحث عن Likes عبر منصة فيسبوك. لذلك، ابتعد عن هذه الفكرة تمامًا أرجوك.
ليس مجرد موقع تواصل عادي، بل يمكننا تعريف شبكة فيسبوك بأنّها جزء من البنية التحتية العالمية للإنترنت الآن، وتشبيهها بحبة الكرز التي يمكن وضعها على مواقع الإنترنت مجتمعة، وأداة لا يمكن لمعظم مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم الاستغناء عنها، لم يعد الأشخاص يستخدمون دليل الهاتف للعثور على الأشخاص للتواصل معهم، بل فيسبوك هي التي ملأت هذا الفراغ بجدارة وتميز.
أمّا عن الخصوصية فأستطيع أن أخبرك بأنّنا الآن نحن نعيش في العصر الرقمي، وبالتالي بمجرد الموافقة على التسجيل التي لم تقرأها غالبًا، والبدء باستخدام والنشر على المنصة، فإنّ تعقب ما تفعله وتقوله وتبحث عنه في كل مكان هو أمر قابل للحدوث سواءً بموافقتك أو دونها.
وأذكّرك بالمقولة الخالدة التي ظهرت مع انتشار موقع الفيسبوك والشبكات الاجتماعية بشكل عام: إذا لم تدفع مقابل ما تستخدمه فتأكد أنّك أنت السلعة.
فالشبكة تعتمد بشكل أساسي على الحميمة، والألفة التي تنشأ بين مستخدميه، فهي شبكة مشاركة في المقام الأول، والمكان الأول الذي يتواصل به الشخص مع العائلة والأصدقاء مع &ndash احترامنا وتقديرنا لباقي المنصّات الاجتماعية &ndash حيث يتشارك المشاعر والأفكار والآراء. ذلك هو تعريف فيسبوك ببساطة من وجهة نظرى الشخصية.
هذه الحادثة بين فيسبوك وشركة كامبريدج أناليتيكا هي التي أزاحت الغشاوة بشكل أكبر من عيون الجميع في أنّ المنصة رأس مالها هي بيانات المستخدمين. لذلك، كانت ومازالت الضجة مستمرةً في كيف تسمح فيسبوك بعد أن وثقنا فيها ولو &ndash بالحد القليل &ndash  في انتهاك خصوصيتنا بهذا الشكل السافر والغير أخلاقي؟!
ولكن حقيقة الأمر الجدل حول فيسبوك وما تمثله من إدمان للمستخدمين، والدراسات التي تُحذر من خطورتها على المستخدمين من جميع الأعمار كانت ومازالت، وستكون محل جدل كبير لن يختفي بين ليلة وضحاها، إلّا إذا اختفت المنصة بحد ذاتها.
والشيء المؤكد هو فيسبوك وأكثر من اثني مليار مستخدم سوف يتصالحون، وستعود الغالبية العظمى منهم إلى فيسبوك مثلما فعلوا آخر مرة، والكثير من المرات قبل ذلك.
لقد أظهرت عقود من الأبحاث أنّ علاقتنا مع جميع وسائل الإعلام بجميع أنواعها، هي علاقة تكافلية في المقام الأول، فالأشخاص يحبون هذه الوسائل بسبب الإشباع الذي يحصلون عليه من استهلاكهم لما تقدمه، فالفوائد مثل الهروب والاسترخاء والرفقة هي مطلب الكثير من المستخدمين، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يستخدمون هذه الوسائل، زاد الإشباع الذي يطلبونه ويحصلون عليه.
إلى جانب توفير محتوى لاستهلاكنا، توفر لنا منصّات مثل: فيسبوك، وتويتر، وجوجل إمكانيات جديدة للتفاعل على النظام الأساسي الذي يمكن أن يرضي بعض من رغباتنا البشرية الفطرية، فالأدوات التفاعلية في منصة فيسبوك مثلًا توفر طرقًا مبسطةً لتغذية فضولك، وبث أفكارك، والترويج لصورتك، والحفاظ على علاقاتك، وتحقيق بعض الشهرة التي يسعى لها معظم مستخدمي الإنترنت بشكل عام، ومنصة فيسبوك بشكل خاص.
تستفيد وسائل الإعلام الاجتماعية من السمات والاتجاهات النفسية الشائعة للحفاظ على نشرك للمنشورات والكشف عن نفسك أكثر، وهذا هو السبب في أنّ هنالك صعوبةً كمستخدم شبكة اجتماعية للاستغناء عن هذه الشبكات مرةً واحدةً وللأبد.
كل هذه البيانات &ndash ربما &ndash تخبرنا بأنّ المنصة تعيش أزمةً طاحنةً، ومن الصعب النجاة من هذا المأزق، ولكن عند التمعن بشكل أكثر دقةً في بيانات شركات التحليلات والبيانات، نجد أنّ هنالك قصةً مختلفةً تمامًا.
من المثير للاهتمام أنّ أرقام المستخدمين النشطين الشهرية الأخيرة (MAU) التي تصدرها فيسبوك تشير إلى أنّ عددًا قليلًا من الأشخاص &ndash إن وجدوا &ndash قد قاموا بالفعل بحذف تطبيق فيسبوك من هواتفهم، في الواقع تشير أحدث البيانات إلى أنّ عدد الأشخاص الذين يستخدمون فيسبوك أكثر من أي وقت مضى.
فقد شهدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نموًا هائلًا في أعداد مستخدمي فيسبوك في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من كونها موطنًا لأكبر عدد من الأشخاص الذين ينادون بحذف تطبيق الفيسبوك عبر هاشتاغ #DeleteFacebook
بحسب شركة التحليلات Kepios والتي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها، فقد أظهرت أنّ هنالك نموًا لمستخدمي فيسبوك النشطين في كل من البلدين بأكثر من 4? منذ يناير من هذا العام (أي خلال الـ 90 يومًا الماضية)، في حين قفز عدد الأشخاص الذين يستخدمون فيسبوك في الهند بنسبة 12? في ثلاثة أشهر فقط، على الرغم من أنّهم من أكثر المنادين عبر تويتر لحذف تطبيق فيسبوك بأكثر من 30000 تغريدة.
كانت هذه الأرقام الخاصة التي تصدرها فيسبوك بذات نفسها، ربما نظرية المؤامرة تقول فيها تلاعب أو شيء من هذا القبيل، ولكن ماذا عن بيانات من طرف ثالث.
حقيقة الأمر حادثة كامبريدج أناليتيكا هذه المرة جلب لمنصة فيسبوك سخط وغضب العالم أجمع، فالجميع أبدى غضبه من هذا الانتهاك الصارخ في استغلال بياناتهم وخصوصيتهم من قبل طرف ثالث، فالمسألة هنا ليست في انتهاك فيسبوك، واستغلالها لبيانات ومعلومات المستخدمين، فهذا شيء يعرفه الجميع وليس محل جدل.
فالمسألة الجوهرية هي استفادة طرف ثالث من منجم المعلومات والبيانات هذه لتحقيق أغراضها بعيدًا عن فيسبوك، فمارك ذات نفسه اعترف بهذا الأمر وأشعر أنّه قد تم &ndash استغفاله &ndash بشكل ذكي جدًا، وبشكل لم يتوقعه هو شخصيًا.
أمّا عن البيانات فقد أشارت أحدث البيانات من App Annie إلى حدوث انخفاض كبير في تنزيلات تطبيق فيسبوك في الأسبوع الماضي، ولكن هذا الاتجاه قد انعكس بالفعل، ويبدو أنّ سلوك التنزيل في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد عاد بالفعل إلى مستويات مماثلة لتلك التي رأيناها سابقًا قبل انفجار حادثة كامبريدج أناليتيكا.
تشير أحدث البيانات من تصنيف &ldquoApp Usage&rdquo الخاص بـ SameWeb إلى أنّه &ndash خلال الثلاثين يومًا الماضية &ndash كان تطبيق فيسبوك تطبيق الجوال الأكثر استخدامًا في أي فئة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، ولا تشير أي من البيانات إلى أنّ فيسبوك ماسنجر قد تأثر بالأحداث الأخيرة.
الحقيقة الواضحة للعيان وللإجابة على السؤال السابق: هو أنّ فيسبوك أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لأكثر من ملياري شخص حول العالم، قد نشعر بالقلق حيال الآثار المترتبة على قضية كامبريدج أناليتيكا &ndash وما يعنيه على نطاق أوسع لخصوصية بياناتنا &ndash ولكن من غير المحتمل أن يفقد الفيسبوك عددًا كبيرًا من المستخدمين بسبب هذه الحادثة.
وإذا كنت عزيزي القارئ ما زلت حتى الآن غير مقتنع، وأنّ حذف تطبيق فيسبوك من هاتفك الذكي، والتوقف عن استخدامه بشكل نهائي هول الحل السحري للرد على هذا الانتهاك الصارخ في استغلال بياناتنا، والتلاعب بخصوصيتنا من قبل مارك وشركائِه!