مراحل النزاع بين الأمين والمأمون

الكاتب: سامي -
مراحل النزاع بين الأمين والمأمون
"مراحل النزاع بين الأمين والمأمون:
مرحلة المفاوضات:
مرحلة الحسم العسكري:
مراحل النزاع بين الأمين والمأمون:



مر النزاع بين الأمين والمأمون بمرحلتين مرحلة المفاوضات السلمية التي انتهت في عام (195 هجري)/(811 ميلادي)، ومرحلة الحسم العسكري التي انتهت بمقتل الأمين‏ في عام (198 هجري)/(813 ميلادي).



مرحلة المفاوضات:



اتخذ النزاع في بادىء الأمر، شكل سفارات ومراسلات متبادلة بين الأخوين حول قضية ولاية العهد، والصلاحيات الخاصة بالخليفة. ونهج الأمين السلوك السياسي المخادع لاستمالة أخيه، واستقطاب حاشيته وفي نيته عزله من ولاية العهد، فأظهر التودد له. ومن جهته، فقد تصرف المأمون بشكل يبعث الطمأنينة في نفس أخيه، فبعث إليه بمُراسلات تُعظّمه وأهدى إليه هدايا كثيرة من طرف خراسان.



ثم حدث أن خلع الأمين من أخيه المؤتمن كل ما بيده واستقدمه إلى بغداد. وشرح في الوقت ذاته إلى جميع العمال بتلبية الدعاء لولده موسى بعد أن أتم الدعاء له وللمأمون وللقاسم. ولما أيقنت مسامع المأمون بذلك، أدرك أن الأمين ينوي تغيير العهد، فقطع البريد عنه، وأسقط اسمه من الطرز. ومضى الأمين في تودده دون أن يظهر نواياه، فكتب إلى المأمون يستدعيه إلى بغداد لحاجته إليه في تسيير شؤون الدولة، وفي نيته الغدر به.



ويبدو أن المأمون أخذ بالإجابة لطلب أخيه وكاد أن ينخدع منه، لولا تحذير وزيره الخاص الفضل بن سهل له ونصحه بالاعتذار عن تلبية دعوته والعمل على تقوية جيشه وتوطيد مركزه في خراسان. لم ييأس الأمين من محاولته الإيقاع بأخيه المأمون وقرّر تجريده تدريجياً من كل ما بيده فكتب إليه يطلُب منه أن يتخلى له عن بعض كور خراسان سمّاها له وأن يوجه العمال إليها باسمه، وأنه عازم على تعيين موظف من قبله على البريد ليكتب إليه بخبرها باعتباره خليفة للمسلمين ويستطيع التصرف في أمور خراسان كما تقضي المصلحة العامة.



استشار المأمون بمن حوله فى طلب أخيه فردوا عليه جميعاً بإجابته إلى باستثناء الفضل بن سهل الذي رفض هذا العرض، فوافقه المأمون وكتب إلى أخيه بذلك. ورسم هذا الوزير الفارسي للمأمون السياسة التي يجب عليه اتباعها وهي:



الاعتصام في خراسان، لأن الخراسانية لن ينقضوا بيعتهم له بحكم قرابتهم له.


انتهاج سياسة دينية رزينة.


الاهتمام شخصياً بأمور الدولة ورد المظالم.



فأحبه الناس والتفوا حوله. وبسبب هذا الجفاء، اشتدّت المشاكل بين الأخوين وأُغلقت مناطق الحدود بينهما، وقام المأمون بأخذ بعض الاحتياطات اللازمة لقطع الطريق على الدعاية التي راح يبثُها الأمين ضده لاستمالة أهل خراسان. فأقام حِراسة مُشددة على طول الطريق بين العراق وخراسان، وأعطى الأوامر باعتقال المشبوهين الذين يفدون من العراق.



وشارفت دولة الخلافة العباسية أن تتجزء إلى جزئين يُناظل كل منهما الآخر. أولاً القسم الغربي وكانت مدينة بغداد يترأسها الأمين ليشتد أزره بالعرب وعلى رأس قواته القائد العربي على بن عيسى بن ماهان، ثانياً القسم الشرقي أيّ خراسان والولايات الشرقية حيث يُقيم المأمون في مدينة مرو بمساندة الفرس وعلى رأس قواته طاهر بن الحسين.



وازدادت المشاكل بمرور الأيام، وخسر الأمين في حمل أخيه المأمون على التنازل عن ولاية العهد لصالح ابنه موسى، مما دفعه إلى خلعه في عام (195 هجري)/(811 ميلادي)، وجلب كتابيّ العهد من فناء الكعبة وحرقهُما بالرغم من تحذير بعض بطانته. أغضب هذا التصرف الخراسانيين، وغيرهم من أهالي الأمصار، فقاموا في وجهه، واشتعلت الاضطرابات وأضحى التحول إلى النزاع المسلح أمراً محتماً وأخذ كل طرف يستعد له.



مرحلة الحسم العسكري:



سار الأمين جيشاً بقيادة علي بن عيسى بن ماهان الذي كان والي خراسان السابق، لقتل أخيه، تقدم إلى الري حيث كان يسير جيش المأمون، بقيادة طاهر بن الحسين لإنتظاره. والتحم الجيشان في رحى معركة قاسية؛ أسفرت عن انتصار جيش المأمون، ومقتل علي بن عيسى. ولم تكد أنباء النصر تصل إلى مقر المأمون في مرو، حتى بايع الناس المأمون بالخلافة.



والواقع أن الأمين أخطأ تقدير الموقف السياسي والعسكري، أو غُرَّر به لتعيين علي بن عيسى على رأس قواته، لأن هذا التعيين كان قاضياً على الأمل في استمالة الخراسانيين، نظراً لكراهيتهم له مما أثار حميتهم، فاستماتوا بالقتال.



ويبدو أن اختيار الشخصيات أدَّت دوراً في هذا الاختيار. أما علي فكان طمعه في العودة إلى قيادته القديمة، كحاكم لدولة خراسان، وربما عمد الأمين إلى إستفزاز سكانها، فولاّه القيادة نكاية بهم. والراجح أن أحد عيون الفضل بن سهل، وهو العباس بن موسى، هو الذي أشار على الأمين أن يؤمّر علياً ليثير حمية الخراسانيين على القتال. أثارت أنباء هزيمة جيش الأمين الفزع في بغداد، مما دفع الخليفة إلى تجهيز جيش آخر وأرسله إلى خراسان بقيادة عبد الرحمن بن جيلة الأنباري للتصدي لزحف طاهر.



وجرت المعركة الثانية بين القادتين فى همذان، وقد نجح فيها جيش المأمون بالانتصار أيضاً. ونجح طاهر بالسيطرة على المدينة ثم واصل استمراره باتجاه بغداد يُرافقه هرثمة بن أعين. ولما وصلها، ضرب عليها حصاراً مركزاً، فدبت فيها الفوضى وشهدت شوارعها اصطدامات داخلية بين مؤيدي الطرفين. وتمكنَّت قوة خراسانية من دخولها وأسرت الأمين، وأعلنت خلعه، لكن العناصر العربية قامت بهجوم مضاد، وتمكنّت من إطلاق سراحه، وأخرجت الخراسانية من المدينة.



وبسبب ضغوضات الحصار، ضعُفت قوة الأمين، بعدما انهارت معنويات جنده، وانتهت المقاومة ودخل طاهر المدينة عنوة، ووجد الخليفة نفسه أمام أحد خيارين: إما القيام بمحاولة أخيرة لاختراق صفوف الخراسانية، وإما الاستسلام وطلب الأمان.



ولما لم يكن معه من الرجال ما يساعده على المقاومة، فقد فضّل الاستسلام للقائد هرثمة بن أعين، وقد اختاره بسبب قسوة طاهر، لكن هذا الأخير كمن له في النهر وقبض عليه وسجنه، ثم اقتحم عليه عدد من الجنود الخراسانية سجنه وقتلوه. وكان ذلك في الخامس والعشرين من شهر محرم عام (198 هجري)/(813 ميلادي)، وسيطر طاهر على بغداد وأمّن أهلها، وانتهت بذلك خلافة الأمين.



"
شارك المقالة:
219 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook