قصة اختراع القنبلة الذرية

الكاتب: سامي - 17 يونيو, 2025
قصة اختراع القنبلة الذرية

جدول المحتوى

قصة اختراع القنبلة الذرية: سباق علمي غيّر وجه العالم

بدأت قصة القنبلة الذرية في مطلع القرن العشرين، ليس كسلاح، بل كفكرة نظرية في أذهان نخبة من علماء الفيزياء الذين كانوا يستكشفون عالم الذرة الغامض. علماء مثل إرنست راذرفورد، ونيلز بور، وماري كوري، وألبرت أينشتاين، كانوا يضعون الأسس العلمية لفهم النشاط الإشعاعي وبنية الذرة، دون أن يتخيلوا أن أبحاثهم ستؤدي إلى صنع أقوى سلاح عرفته البشرية.

من النظرية إلى الإمكانية: اكتشاف الانشطار النووي

بحلول ثلاثينيات القرن العشرين، حقق العلماء قفزة نوعية. اكتشفوا أنه من الممكن "شطر" نواة ذرة اليورانيوم الثقيلة عند قصفها بالنيوترونات، وهي عملية تُعرف بـ الانشطار النووي (Nuclear Fission). الأهم من ذلك، أن هذا الانشطار يطلق كمية هائلة من الطاقة ونيوترونات إضافية، مما يفتح الباب أمام إمكانية حدوث تفاعل متسلسل (Chain Reaction) يمكن أن يولد طاقة انفجارية غير مسبوقة.

تزامن هذا التقدم العلمي مع صعود النازية في ألمانيا. أدرك العديد من العلماء اليهود، الذين كانوا في طليعة الأبحاث النووية، الخطر الذي يمثله هتلر، فهاجروا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا. هؤلاء العلماء المهاجرون، بمن فيهم أينشTAين وإنريكو فيرمي وليو زيلارد، حملوا معهم معرفتهم وقلقهم المتزايد من أن ألمانيا النازية قد تسبق العالم في تطوير قنبلة ذرية.

رسالة أينشتاين ومشروع مانهاتن

في عام 1939، أقنع ليو زيلارد ألبرت أينشتاين بتوقيع رسالة موجهة إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت. حذرت الرسالة من الإمكانات العسكرية الهائلة للانشطار النووي، ومن أن ألمانيا قد بدأت بالفعل أبحاثها في هذا المجال.

كانت هذه الرسالة هي الشرارة التي أدت إلى إطلاق مشروع مانهاتن (Manhattan Project) في عام 1942، وهو برنامج أمريكي سري وضخم هدف إلى تطوير قنبلة ذرية قبل الألمان. تم تسليم قيادة المشروع إلى الجنرال ليزلي غروفز، بينما تم تعيين الفيزيائي اللامع روبرت أوبنهايمر كمدير علمي للمشروع في مختبر لوس ألاموس السري في نيو مكسيكو.

التحديات العلمية: اليورانيوم والبلوتونيوم

واجه علماء مشروع مانهاتن تحديين رئيسيين:

  1. تخصيب اليورانيوم: اليورانيوم الطبيعي يتكون في معظمه من نظير اليورانيوم-238 غير القابل للانشطار. لصنع قنبلة، كان عليهم فصل نظير اليورانيوم-235 النادر والقابل للانشطار، وهي عملية معقدة ومكلفة للغاية تُعرف بالتخصيب.

  2. إنتاج البلوتونيوم: اكتشف العلماء أنه يمكن إنتاج عنصر جديد قابل للانشطار، وهو البلوتونيوم، عن طريق قصف اليورانيوم-238 بالنيوترونات في مفاعل نووي. وقد تم بناء أول مفاعل نووي في العالم تحت إشراف إنريكو فيرمي في شيكاغو عام 1942.

تصميم القنبلة: طريقتان للانفجار

طور العلماء في لوس ألاموس تصميمين رئيسيين للقنبلة:

  • تصميم "المدفع" (Gun-type): أبسط وأكثر موثوقية. يعتمد على إطلاق كتلة من اليورانيوم-235 (مثل قذيفة مدفع) باتجاه كتلة أخرى لتكوين الكتلة الحرجة وبدء التفاعل المتسلسل. هذا التصميم استُخدم في قنبلة "الولد الصغير".

  • تصميم "الانضغاط الداخلي" (Implosion-type): أكثر تعقيدًا وكفاءة. يعتمد على استخدام متفجرات تقليدية لضغط كرة من البلوتونيوم بشكل متساوٍ من جميع الجهات، مما يزيد من كثافتها ويوصلها إلى الكتلة الحرجة. هذا التصميم استُخدم في قنبلة "الرجل البدين".

اختبار ترينيتي والاستخدام في الحرب

في 16 يوليو 1945، تم إجراء أول تفجير نووي في التاريخ بنجاح في صحراء نيو مكسيكو، وهو اختبار عُرف باسم "ترينيتي" (Trinity). بعد أقل من شهر، وفي ظل استمرار الحرب العالمية الثانية، أُلقيت قنبلتان ذريتان على اليابان:

  • 6 أغسطس 1945: قنبلة "الولد الصغير" (تصميم المدفع) على مدينة هيروشيما.

  • 9 أغسطس 1945: قنبلة "الرجل البدين" (تصميم الانضغاط) على مدينة ناغازاكي.

أدت هذه الهجمات إلى استسلام اليابان وإنهاء الحرب العالمية الثانية، لكنها دشنت في الوقت نفسه عصرًا جديدًا من الرعب النووي الذي لا يزال يلقي بظلاله على العالم حتى اليوم.

شارك المقالة:
897 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook