يعتقد الكثير من الناس أنّ فكرة صنع الكمبيوتر تعود إلى بيل غيتس شخصية القرن الواحد والعشرين، ومنهم من عزا هذه الفكرة إلى العالم الأمريكي هوارد أيكن، ومنهم من نسبها إلى الفيزيائي والرياضي الفرنسي بليز باسكال صاحب اختراع أول آلة حاسبة في التاريخ؛ كلّ هذه الاعتقادات خاطئة جداً فبدايات الكمبيوتر تعود إلى كونكورد دزوسه الذي يُعتبر من أبرز العلماء الألمان في القرن الماضي، وقد صنع حاسباً آلياً كبير الحجم، وزوّده بزر عليه حرف (زد) كبير، نسبة إلى بداية اسمه (دزوسه) في الثلاثينيات من القرن الماضي، وبذلك كانت له الرّيادة في عالم الحواسيب.
 
في الثاني والعشرين من شهر حزيران في عام ألف وتسعمئة وستٍ وثلاثين ميلادي صمّم كونراد حاسبه الآلي الضخم الذي كان طوله كطول سريره، وثبّته على الحائط العلوي في إحدى الغرف في منزله، وسمّى اختراعه هذا (زد 1) و كان قد جهز حاسوبه بكل ما يلزم من الأجزاء والقطع والتفاصيل والبيانات، التي تماثل الحواسيب الحالية في وقتنا هذا، وكان دزوسه يبلغ من العمر في حينها ستةً وعشرين عاماً.
 
عاش كونراد في ألمانيا في الفترة النازية من تاريخها، وكان مهندساً مدنياً، امتلك معرفةً كبيرةً بأصول الهندسة الميكانيكية والمعماريّة، وكانت إمكانيّاته المادية محدودة، فاعتمد على نفسه وانتقل إلى برلين، وعمل مهندساً في شركة (هنشل) بمعدّل ست عشرة ساعة عمل في اليوم، وهي عبارة عن شركة مختصّة في تصميم وصناعة الطائرات، وحسب إمكانيّاته المتوفرة طوّر اختراعه إلى (زد 2) وبعده (زد3) الذي أنجزه في شهر أيار من عام ألف وتسعمئة وواحد وأربعين، وكانت يومها الحرب العالمية الثانية على الأبواب.
 
تولّدت الرغبة لدى دزوسه بصنع الحاسب الآلي نظراً للمجهود الكبير الذي كان يبذله في الوصول إلى تحقيق نتائج نسب معادلات الحساب والإحصاء المتعلّقة بآلية إقلاع الطائرات، وسرعة تحليقها، وسرعة هبوطها، ومدّة كل منها، وما إلى ذلك من صيغ البيانات الرقمية، وفي سؤاله عن سبب اختراعه للحاسب أجاب: بدعابة "أنا أكثر كسلاً من أن أجري الحسابات بنفسي".
 
تعود أوّل شركة كمبيوتر إلى دزوسه؛ حيث أسّس أول شركة للحواسيب في العالم في مدينة برلين، ويذكر أنها في الحرب العالمية الثانية قد تعرضت للدمار بفعل قنبلة استهدفتها أدّت إلى تدمير نسخة الحاسب (زد3) تدميراً كاملاً، وكان ذلك في عام ألف وتسعمئة وخمسٍ وأربعين، وعلى الرّغم من مباشرته في صنع نسخة (زد4) إلا أنها لم تكتمل بسبب وفاته.
"