العلاقات التبتية المينغية

الكاتب: سامي -
العلاقات التبتية المينغية
"العلاقات التبتية المينغية

لم تكن العلاقات بين التبت والصين خلال حكم سلالة مينغ غير دقيقة وواضحة وصعب على علماء التاريخ تفسير سبب ذلك وكان السبب الأرجح؛ هو الصراعات السياسية التي كانت بين الدولتين، حيث قامت سلالة مينغ خلال فترة حكمها على الصين بالسيطرة على أراضي التبت وضعها تحت حكمها، كما قامت بسلب الألقاب من حكام التبت، كما تشير الدراسات بأنّ التبت كانت خلال الجزء الثالث عشر ميلادي جزء من أراضي الصين أثناء فترة حكم سلالة مينغ، ولهذا السبب وضعت الصين التبت تحت حكمها.

 

العلاقات التبتية المينغية

 

خلال فترة نمو التبت مرت بالكثير من المراحل والتي جعلت منها دولة قوية في جنوب شرق آسيا وجعلت منها دولة منافسة للصين وكانت المنافس الأول لسلالة تانغ خلال فترة حكمها للصين، وقد أدى صعود قوة التبت إلى تخوف سلالة تانغ من سيطرة التبت على الحكم في المنطقة، فقام كلا الطرفين بتوقيع معاهدة لتحديد الحدود بين الصين والتبت، وفي القرن التاسع ميلادي انهارت الإمبراطورية التبتية والذي أدى ذلك إلى تغيير وضع التبت.

 

في عام 907 ميلادي ظهرت الممالك العشر الصينية والأسر الخمس، الأمر الذي جعل الصين تعاني من صراعات داخلية وأدى ذلك إلى انهيار أسرة تانغ وذلك بظهور الأسر الخمس والتي كانت تحاول السيطرة على الحكم وقد أدى ذلك إلى تقسيم أراضي الصين وقامت الممالك العشرة بعد ذلك بالسيطرة على الحكم في الصين لمدة اثنى عشر عاماً لتعيش الصين خلال تلك الفترة في حالة من الانقسام والضعف، لم تساعد الصراعات السياسية في الصين حال التبت؛ وذلك كون التبت كانت تعاني من نفس الصراعات السياسية.

 

بدأت العلاقات بين الدولتين بعد ذلك بالهدوء، وذلك كون كل دولة كانت تعاني من الصراعات في أراضيها، كانت سلالة سونغ في تلك الفترة تحاول مكافحة أعداء الصين في الأراضي الشمالية، في عام 1207 ميلادي قام المغول بغزو إمبراطورية تانغوت، الأمر الذي زرع الذعر في قلب التبت، وقامت الإمبراطورية المغولية بإرسال مبعوثين إلى التبت وتم إجبار التبت على دفع الضريبة للمغول، وتوفي بعد ذلك جنكيز خان، فقامت التبت بالتوقف عن دفع الجزية؛ ممّا دفع أوقطاي خان بغزو التبت.

 

استمرت بعد ذلك الغزوات المغولية على التبت حتى تمكن من الوصول إلى أراضي لاسا، وفي عام 1247 ميلادي تم الإعلان بشكل رسمي بأنّ التبت واقعة تحت حكم الإمبراطورية المغولية وقد أدت تلك الغزوات إلى تقسيم أراضي التبت وإضعافها.

 

في تلك الفترة كانت منطقة تساي ذات أهمية كبيرة للمغول والتي كانت تشكل طريق تجاري في نهر ميكونغ ونهر يانغتسي وكانت التبت تقوم بتجارة الملح والشاي والخيول من خلالها وتم منح الأذن لتجار التبت بالتجارة مع تجارة سلالة هان الصينية، الأمر الذي دفع سلالة مينغ بفرض سيطرتها على التبت، كما كانت سلالة مينغ تسعى السيطرة على تجارة الخيول في مناطق آسيا الداخلية، كانت الصين السيطرة على الخيول؛ وذلك من أجل استخدامهم للتنقل والمشاركة في الحروب.

 

كانت التبت تحتاج إلى الشاي الصيني والذي كان من المواد المهمة للتبتين وذلك من اأجل استخدامه في المناسبات الدينية، قامت حكومة سلالة مينغ بفرض قيود على تجارة الشاي الصيني وحاولت سلالة مينغ احتكار تلك التجارة وجعل الدولة هي التي تشرف على عملية تجارة الشاي، إلا أنّها تعرضت إلى الانهيار؛ وذلك بسبب الصراعات العسكرية السياسية والتجارية في المنطقة على تجارة الشاي.

 

قامت سلالة مينغ بإقامة علاقات دبلوماسية مع التبت؛ وذلك من أجل تأمين الخيول، أصبحت التبت بعد ذلك خاضعة لحكم سلالة مينغ وقام المينغييون بأخذ الخيول من التبتين كضريبة، وتم وضع التبتين في المراكز الداخلية لإدارة الأمور الداخلية للدولة وتم منعهم من المشاركة في الأمور الخارجية، حيث كان يتم أخذ الذهب والفضة والملابس من التبتيين لصالح سلالة مينغ وذلك بدل حماية سلالة مينغ لهم، وقد أدى ذلك إلى زيادة الصراعات بين التبت وسلالة مينغ.

 

على الرغم من قيام سلالة مينغ من تبادل الخيول مع التبت، إلا أنّها قامت بحضر عملية التجارة على الحدود الصينية؛ وذلك من أجل عقاب المغول ومنعهم من التعدي على الحدود الصينية، الأمر الذي دفع المغول إلى تحسين علاقتهم مع سلالة مينغ ومنحتهم الخيول والتي كانت تتواجد بكثرة لدى المغول، فرحت سلالة مينغ للتصرف المغولي وحاولت جعل العلاقة فيما بينهم سلمية، إلا أنّ ذلك لم يمنع المغول من تكرار غزواتهم على الأراضي الصينية والتبتية.

 

قامت التبت بتحسين علاقتها مع الممالك المجاورة لها وكانت مملكة جوسون وغيرها من الممالك المجاورة للصين، بدأت القوات العسكرية المغولية بالخروج من أراضي التبت، وعلى الرغم من ذلك لم تقوم سلالة مينغ بإرسال قوات بديلة إلى الأراضي التبتية، فقد وجدوا بأنّه من غير الضروري إرسال القوات الحامية، وفي بداية القرن الرابع عشر ميلادي قام الإمبراطور هونغوو الصيني بإرسال القوات العسكرية إلى أراضي التبت؛ وذلك بعد قيام الثورات والتمردات فيها وحاول السيطرة على الوضع فيها.

 

لم يكن حكم الإمبراطور هوانغ وو عادلاً في التبت وعند وفاته تولى ابنه الحكم من بعده وحاول تحسين علاقة سلالة مينغ مع شعب التبت وبدأت علية الإصلاحات، كانت سلالة مينغ تسعى إلى استرجاع أراضي أوردوس والتي كانت تستخدمها الإمبراطورية لشن الغارات ضد سلالة مينغ، حيث كانت المناطق الشمالية الصينية معرضة للهجوم والخطر بشكل كبير من قِبل المغول، ولم تتمكن سلالة مينغ من إرسال المزيد من قواتها إلى أراضي التبت، فقد كانت سلالة مينغ تسعى للدخول في حالة استقرار.

 

لم تكن الأهداف الصينية تسعى للسيطرة على أراضي التبت وإنما كانت تريد إضعاف الوجود التبتي في المنطقة وأن لا يكون للوجود التبتي تأثير على سلالة مينغ، بعد سقوط نظام ساكيا البوذي بدأت التبت عاني من الصراعات والانقسام والضعف في أراضيها، وعندما بدأت التبت بعملية الانقسام السياسي سعت سلالة مينغ على المنطقة وضمها إلى حكمها، سعت التبت بعد ذلك إلى عملية الإصلاحات السياسية والدينية في أراضيها ورأت بأنّه لا بد من اعتماد الديانة البوذية وتوحيد الشعب على تلك الديانة.

 

حساب الدراسات التاريخية فأنّ حكام التبت دخلوا في حروب أهلية خلال حكم سلالة مينغ وكانت سبب تلك الصراعات القوانين التي وضعتها سلالة مينغ في التبت والتي بدورها أدت إلى سعي الحكام إلى السيطرة بشكر أكبر من غيرهم، لم تكن سلالة مينغ تهتم لأمر التبت وإنما كان لها مصالح تسعى للسيطرة عليها ومن أهمها تجارة الخيول وإبقاء التبت في حالة ضعف حتى تبقى سلالة مينغ هي المسيطرة في المنطقة.

"
شارك المقالة:
122 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook