الاتجاهات العامة لدولة الخلافة العباسية

الكاتب: سامي -
الاتجاهات العامة لدولة الخلافة العباسية
"الاتجاهات العامة لدولة الخلافة العباسية:
الاتجاهات العامة لدولة الخلافة العباسية:



انتهجت دولة الخلافة العباسية منذ قيامها سياسة مشرقية واضحة. وتطلعت بوجهها إلى خراسان مهد نشأتها. وجاء هذا التحول نتيجة عدة عوامل لعل أهمها:



مناوأة أهل الشام للعباسيين لأنهم كانوا لا يزالون على ولائهم للأمويين.


انتقال العاصمة من دمشق إلى بغداد.


التأثير الفارسي على النظم والحياة العباسية.


انتعاش التجارة المشرقية.


ابتعاد الدولة العباسية عن عالم البحر الأبيض المتوسط.


عدم اهتمام العباسيين بإنشاء أسطول بحري في المتوسط يضارع الأسطول الأموي .



مما لا شك فيه أن انتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين قد صحبه تغيير جذري وتطور واسع وعميق في مجمل الحياة الإسلامية، وقد تجلّى ذلك في الاتجاه العام للخلافة العباسية وتمثّل في بادىء الأمر بنقل العاصمة من دمشق إلى بغداد، مشكلا بذلك خطوة نوعية في الانتقال من العالم البيزنطي إلى العالم الفارسي .



هذا وقد تراجع النشاط الحربي الكبير الذي شهده العصر الأموي على الجبهة الغربية في عالم البحر المتوسط ونظر العباسيون إلى شواطئه على أنها حدود ونهايات‎ لدولتهم. ينبغي الدفاع عنها لا الهجوم منها. ونتيجة لهذا التراجع تولت الإمارات الإسلامية في المغرب والأندلس مسؤولية الدفاع عن الحوض الغربي لهذا البحر.



وانصرف العباسيون بشكل عام نحو الشرق. ففي تركستان، أوقفوا الخطر الصيني الزاحف على ديار المسلمين، ثم سادت علاقات وثيقة بعد ذلك، مع العالم الصيني خاصة التجارية، وتوسع المسلمون في إقليم السند ووطدوا النفوذ الإسلامي هناك. ونمت البحرية الإسلامية في المحيط الهندي، لتؤدي دوراً تجارياً فأتاح ذلك لتجارة الهند أن تدخل أسواق العراق بطمأنينة، كما أتاح للثقافة الهندية أن تواكب التجارة.



وقد أدَى تفاهم العباسيين مع الصين إلى فتح أسواق الشرق الأقصى أمام تجارة متبادلة غنية، كما أدَى تفاهم العباسيين مع ملوك الفرنجة إلى إتاحة الفرصة لتجارتهم أن تمتد إلى غربي أوروبا وشمالها الغربي، إلا أن التركيز اقتصر على الشرق.



نتج عن انتقال العاصمة والابتعاد عن الاهتمام بالشؤون الغربية، أن ضعف النفوذ العباسي فى المغرب الإسلامى مما أدى إلى انفصال تلك الأطراف الغربية عن السلطة المركزية؛ فاستقلت الأندلس على يد عبد الرحمن الداخل الأموي؛ وانفصل المغرب الأقصى على يد الأدارسة واستقل بنو رستم، الخوارج الأباضية بالمغرب الأوسط واكتفى العباسيون بإقامة دولة حاجزة موالية لهم في المغرب الأدنى هي دولة الأغالبة.



وحمل العصر العباسي معه تطوراً آخر. فقد جمع العباسيون السياسة مع الدين، وهم في هذه الناحية يختلفون عن الأمويين الذين اتهموا بالاهتمام بالمصالح الدنيوية، فأعلنوا أنهم يريدون إحياء السنة وإقامة العدل. فأحاطوا أنفسهم بالعلماء والفقهاء.


وارتدوا بردة الرسول كرمز لسلطتهم الدينية، واعتمدوا على نظرية الإمامة التي كانت محور عقيدتهم ودعوتهم. وقد أعطت هذه السياسة الدينية، للخلافة العباسية مسحة من القداسة بحيث أضحى سلطان الخلفاء مستمداً من الله سبحانه وتعالى؛ وأضحى مفهوم الخلافة شبيهاً بمفهوم الحق الإلهي في الحكم الذي ساد أيام الساسانيين.



واتبع الخلفاء العباسيون بعض العادات الفارسية مثل: الاستئثار بالسلطة، الاحتجاب عن الناس، الظهور وسط حرس وحاشية؛ فنشأت نتيجة ذلك وظيفة الحجابة. كما وُجِدت طريقة خاصة للتسليم على الخليفة مثل: الانحناء. وقد خالف العباسيون بذلك الروح العربية السمحة التي ظلّلت حياة الأمويين. وتأثرت حياة الخلفاء وأساليبهم في العمل وطريقتهم في الحكم بالأساليب الفارسية وطغت على نظمهم الإدارية تقاليد الديوان الفارسي، كما شهد بلاطهم قيام الخدم والجواري.



ومن التأثيرات الفارسية التي دخلت العصر العباسي منصب الوزارة. وأضحى للوزير من حيث المظهر والاختصاص والتسمية طابع جديد لم يكن من قبل. ويلاحظ أن معظم الوزراء العباسيين كانوا من أسر فارسية، كالبرامكة، وبني سهل، وبني طاهر، وبني الفرات، وبني خاقان وغيرهم . واتبع الوزراء والكتّاب ورجال الدولة التقاليد الفارسية القديمة في العمل والمراسلات.



"
شارك المقالة:
127 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook