الأحداث التي جرت بعد مبايعة الخليفة الأمين

الكاتب: سامي -
الأحداث التي جرت بعد مبايعة الخليفة الأمين
الأحداث التي جرت بعد مُبايعة الخليفة الأمين:
نهاية الخليفة الأمين:
الأحداث التي جرت بعد مُبايعة الخليفة الأمين:



كان الخليفة الأمين سميناً أبيض، أقنى الأنف، صغير العينين، فصيحاً، يقول الشعر. وقد تأدّب على الكسائي، وقرأ القرآن عليه، ولكنه كان يلهو بالصيد، ويكثر من إنفاق الأموال، واقتناء السودان. ويُكنى بأبي عبد الله كما كان يُكنى بأبي موسى. توفي الرشيد في الثاني من جمادى الآخرة في طوس، وهو في طريقه إلى خراسان.



وكان الرشيد قد أخذ البيعة ممن معه من الجند وأعطاها إلى المأمون على أن يكونوا معه. وكان الأمين ببغداد، أما المأمون فكان بمرو حاضرة خراسان. ولما توفي الرشيد صلّى عليه ابنه صالح، وكان أكبر ولده الذين معه، ثم كتب صالح إلى أخيه الأمين يعلمه بما حلَّ، ويبايعه، ووصل الخبر إلى الأمين يوم الخميس مُنتصف جمادى الآخرة، وكتم الخبر حتى اليوم التالي فنعى الرشيد للناس يوم الجمعة وأخذ منهم البيعة.



أما الجند الذي كان يملكه الرشيد بطوس فقد قام بإعادتهم الفضل بن الربيع إلى بغداد. وأما المأمون فقد استشار من معه من القادة، فأشار بعضهم بإجبار هؤلاء الجند الذين مع الفضل بن الربيع بالعودة إلى المأمون إذ أخذ الرشيد منهم البيعة له على أن يكونوا بجانبه، وأشار بعضهم الآخر بالاكتفاء بإرسال كتاب إليهم يأمرهم بالعودة ويسألهم الوفاء، ويحذرهم الحنث، وما يلزمهم في ذلك في الدنيا والدين.



ومع أن بعض الوجوه قد أوهموا المأمون أن بيعة الجند بطوس للرشيد كانت البيعة للمأمون بالخلافة، غير أن المأمون قد أرسل بالسمع والطاعة لأخيه الأمين. وإن الأمين قد أقرَّ لأخويه بما تحت يديهما فالمأمون على خراسان وجميع أعمالها، والمؤتمن على الجزيرة والثغور.



ثم إنْ الأمين قد عزل عام (194 هجري)، أخاه المؤتمن عن الجزيرة والثغور، وولَّى عليها مكانه خزيمة بن خازم. كما دعا لولده موسى على المنابر من بعده، ثم للمأمون والقاسم وذلك بوحي الفضل بن الربيع وتخطيطه إذ كان يخشى المأمون. فلما بلغ المأمون ذلك قطع البريد عن الأمين، وأسقط اسمه من الطرز.



وطلب رافع بن الليث الأمان من المأمون فأمّنه فجاء إليه فأكرمه وقدّمه، وانتهت أحداث سمرقند، فرجع هرثمة بن أعين الذي كان مُكلفاً بحرب رافع فأكرمه المأمون وقرّبه، واجتمعت القادة عند المأمون فكره الأمين ذلك، وأرسل رسلاً للمأمون إلا أنَّ أحدهم وهو العباس بن موسى قد انحاز إلى جانب المأمون فرجع إلى بغداد فكان عيّن المأمون فيها وخاصة أنه من كبار أهل البيت ووجهاء القوم.



وألحّ الفضل بن الربيع على الأمين في أخذ البيعة لابنه موسى وقد سمّاه الناطق بالحق، فسار الأمين وراء الفضل وخلع أخاه، ومزّق الكتاب الذي أودعه أبوه في جوف الكعبة، وبدأ يدعو لولده. وفي عام (195 هجري)، عقد الأمين لعلي بن عيسى بن ماهان بالإمرة على الجبل وهمذان وأصبهان وقم، وأمره بحرب المأمون، وجهز معه جيشاً كبيراً، وخرج مُشيعاً له وتمكن هذا الجيش من الوصول إلى الريّ فتلقّاه طاهر بن الحسين قائد المأمون في أربعة آلاف.



فاقتتل الطرفان فقتل علي بن عيسى بن ماهان في المعركة وانهزم أصحابه، ووصل الخبر إلى الأمين فى شوّال فتأثر أشدّ التأثر، وجهّز جيشاً قوامه عشرين ألفاً بإمرة عبد الرحمن بن جبلة الأنباري، ووجهه إلى همذان ليُقاتل طاهر بن الحسين، ولكنه هُزم فلجأ وجنوده إلى همذان حيث اعتصموا فيها فحاصرهم طاهر بن الحسين، فطلبوا منه الأمان فأمُنهم، ووفى لهم.



ولكنهم لم يلبثوا أن غدروا بأصحابه إذ داهموهم على حين غرَّةَ وقتلوا منهم عدداً كبيراً، فنهض إليهم طاهر وقاتلهم، فقتل عبد الرحمن بن جبلة الأنباري في شهر ذي الحجة وفرَّ من نجا من القتل، ووصل الخبر إلى بغداد فخاف الناس وكثرت الأراجيف.



ووجه الأمين عام (196 هجري)، أحمد بن يزيد في عشرين ألفاً وعبد الله بن حميد بن قحطبة في مثلهم أيضاً لقتال طاهر بن الحسين غير أن طاهر استعمل الحيلة، وأوقع بين الأميرين فعادا من غير قتال. وعندها أمر المأمون طاهر بن الحسين أن يسير إلى الأهواز ويأخذها، ويسلّم ما تحت يده إلى هرثمة بن أعين ففعل.



أرسل الأمين إلى الشام عبد الملك بن صالح بن علي فسار إلى أهلها، وتحبب إليهم، وأمله أن يجمع الجند لدعم الأمين، غير أن عبد الملك لم يلبث أن مات بالرقة فتولى أمر الجند الحسين بن علي بن ماهان فعاد بهم إلى بغداد، فدعاه الأمين ليلاً فرفض الحضور وفي الصباح اجتمع عليه الناس، فأرسل إليه الأمين من يحضره فقاتلهم وهزمهم، وألبَّ على الأمين، وأنكر عليه لهوه، ودعا إلى بيعة المأمون، وأصبح الرجل القوي .



قام بتضيق الحسين بن علي بن ماهان على الأمين، ونقله إلى قصر جعفر في منتصف بغداد، كما أمر العباس بن موسى بن عيسى زبيدة أم الأمين أن تنتقل قهراً من قصرها. وقد انقسم أهل بغداد إلى قسمين، جماعة معه، وأخرى ضده، وأخيراً تغلبت جماعة الأمين، وقبضت على الحسين بن علي بن ماهان غير أن الأمين قد عفا عنه واستوزره ولكنه فرَّ منه على غفلةٍ منة فأرسل إليه الأمين من أدركه وقتله، وجددت العامة البيعة للأمين.



واقترب طاهر بن الحسين من بغداد فعاد الناس إلى الاختلاف إذ خلعت أكثر الأقاليم الأمين وقامت بمُبايعة للمأمون. وحجّ في هذا العام العباس بن موسى بن عيسى من قبل المأمون، وقام بالدعاء هُناك له، فكان أول موسم يُدعى فيه للمأمون. شدّد طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين الحصار على بغداد، وهرب منها القاسم بن الرشيد وعمه المنصور بن المهدي وسارا إلى المأمون فأكرمهما.



وولّى أخاه القاسم جرجان، وضعف أمر الأمين كثيراً وبشكل خاص بعد أن قام بوضع طاهر بن الحسين يده على الضياع والإنتاج، ودعا الأمراء إلى بيعة المأمون وقد أجابه عدد كبير منهم عبد الله بن حميد بن قحطبة ويحيى بن علي بن ماهان، وكَثُر أنصار المأمون في حين لم يبقّ عند الأمين ما ينفقه على نفسه وجنده.



نهاية الخليفة الأمين:



دخل طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين بغداد عام (198 هجري)، واشتد القتال فيها، وتفرّق عن الأمين أصحابه، فجمع من بقي معه، وشاورهم في الأمر، فمنهم من أشار عليه بالذهاب إلى الجزيرة والشام ومواصلة القتال، ومنهم من أشار عليه بطلب الأمان من طاهر بن الحسين فإن أخاه المأمون به رحيم.



ومنهم من رأى أن يكون طلب الأمان من هرثمة بن أعين، فسار إلى هرثمة وطلب منه الأمان فأمّنه، وركب معه في سفينة، فبلغ الخبر طاهر بن الحسين فغضب فأغرق السفينة، ونجا الأمين سِباحةً، والتجأ إلى بيتٍ فسارت إليه جماعة من العجم وقتلته في البيت الذي كان فيه وذلك يوم الأحد الرابع من صفر من عام (198 هجري).



كان الأمين كثير اللهو، محب الصيد، مُكثر من اقتناء السودان والخصيان، تاركاً أمور الدولة، وأما ما أُشيع من شُربه للخمر فغير ثابت، فقد وجد أبا نواس سجيناً مع الزنادقة في سجن الرشيد وذلك في أول توليه الخلافة فأخرجه من السجن، فلما علم بشربه الخمر أعاده إلى السجن.



شارك المقالة:
211 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook