ما هي النيوترونات ؟
النيوترون: كل ما تريد معرفته عن الجسيم المتعادل الذي يبني الكون
في قلب كل ذرة تقريبًا، يوجد جسيم غامض لا يحمل شحنة كهربائية، لكنه يلعب دورًا حاسمًا في استقرار المادة وتحديد هويتها. هذا الجسيم هو النيوترون. فما هو النيوترون؟ وكيف تم اكتشافه؟ وما هي خصائصه وتأثيراته على عالمنا؟
1. مفهوم النيوترون
النيوترون (Neutron) هو جسيم دون ذري متعادل الشحنة، ويُعد مكونًا أساسيًا لكل نواة ذرية، باستثناء نظير الهيدروجين العادي (البروتيوم). لا يحمل النيوترون أي شحنة كهربائية، وتبلغ كتلته 1.67493 × 10⁻²⁷ كجم، وهي أكبر بشكل طفيف من كتلة البروتون، وحوالي 1,839 مرة أكبر من كتلة الإلكترون.
يُطلق على النيوترونات والبروتونات معًا اسم النيوكليونات (Nucleons)، وهي ترتبط ببعضها داخل النواة الكثيفة للذرة، والتي تمثل 99.9% من كتلة الذرة. كشفت التطورات في فيزياء الجسيمات أن النيوترونات والبروتونات ليست جسيمات أولية، بل تتكون من جسيمات أصغر تُسمى الكواركات (Quarks). وترتبط هذه النيوكليونات ببعضها بواسطة القوة النووية الشديدة (Strong Nuclear Force).
2. اكتشاف النيوترون
تعود قصة اكتشاف النيوترون إلى التطورات العلمية الاستثنائية في النصف الأول من القرن العشرين. ففي عام 1920، افترض العالم إرنست رذرفورد وجود جسيم متعادل داخل النواة للحفاظ على استقرارها. لكن الفضل في إثبات وجوده يعود للعالم الإنجليزي جيمس تشادويك في عام 1932، وذلك أثناء دراسته للنشاط الإشعاعي.
3. بُنية النيوترون
يُصنف النيوترون والبروتون ضمن عائلة الهادرونات (Hadrons). ويتكون النيوترون من ثلاثة كواركات:
-
كواركان سفليان (Down Quarks): شحنة كل منهما (-1/3).
-
كوارك علوي واحد (Up Quark): شحنته (+2/3).
المجموع الجبري لهذه الشحنات هو صفر، وهو ما يفسر تعادل النيوترون كهربائيًا. ورغم تعادله، إلا أن هناك توزيعًا غير متماثل للشحنات داخله، مما يمنحه عزمًا مغناطيسيًا (Magnetic Moment) لا يساوي صفرًا. لهذا السبب، يتأثر النيوترون بالمجالات المغناطيسية، ولكن بشكل أضعف بكثير من البروتون.
4. حقائق سريعة عن النيوترونات
-
يتكون النيوترون من كوارك علوي واحد وكواركين سفليين.
-
كتلته أكبر بقليل من كتلة البروتون.
-
يُصنف كـفيرميون (Fermion)، لأن له عزمًا دورانيًا (Spin) يساوي 1/2.
-
النيوترونات الحرة (خارج النواة) غير مستقرة، ويبلغ متوسط عمرها حوالي 15 دقيقة قبل أن تتحلل.
5. خصائص النيوترونات
-
الشحنة: متعادلة (صفر).
-
الكتلة: 1.67493 × 10⁻²⁷ كجم.
-
الاستقرار: مستقر داخل النواة، وغير مستقر عندما يكون حرًا (يتحلل عبر اضمحلال بيتا).
-
التأين: لا يسبب التأين بشكل مباشر لعدم امتلاكه شحنة.
-
الاختراق: لديه قدرة عالية على اختراق المواد، ويمكنه قطع مسافات طويلة في الهواء.
-
الدور في الانشطار النووي: تُستخدم النيوترونات لبدء تفاعلات الانشطار النووي (Nuclear Fission)، كما تنتج هذه التفاعلات نيوترونات حرة جديدة.
6. النيوترونات وتحديد هوية العنصر (النظائر)
يُعرف عدد البروتونات في نواة الذرة بـالعدد الذري (Atomic Number)، وهو الذي يمنح كل عنصر هويته الفريدة. فذرات عنصر الكربون، على سبيل المثال، تحتوي دائمًا على 6 بروتونات.
ولكن، عدد النيوترونات في النواة يمكن أن يختلف. تُعرف هذه الذرات المختلفة لنفس العنصر باسم النظائر (Isotopes).
-
الكربون-12: هو النظير الأكثر شيوعًا، ويحتوي على 6 بروتونات و6 نيوترونات.
-
الكربون-14: نظير أقل شيوعًا، ويحتوي على 6 بروتونات و8 نيوترونات.
7. تأثير النيوترونات الحرة
عندما توجد النيوترونات خارج النواة (نيوترونات حرة)، فإنها تكتسب خصائص مؤثرة وقد تكون خطيرة. فعندما تتحرك بسرعات عالية، فإنها تشكل نوعًا من الإشعاع المؤين القاتل.
وأبرز مثال على هذا التأثير هو القنبلة النيوترونية، وهي سلاح مصمم لإطلاق وابل من النيوترونات عالية السرعة. تمتلك هذه الجسيمات طاقة هائلة تمكنها من اختراق المواد وتدمير الخلايا الحية (مما يؤدي إلى قتل الكائنات الحية)، مع إحداث ضرر أقل بالمنشآت والمباني غير الحية.