الصخور النيوموليتية وتكوّن جبال الألب

الكاتب: سامي - 11 أكتوبر, 2024
الصخور النيوموليتية وتكوّن جبال الألب

جدول المحتوى

الصخور النيوموليتية: شهادة على بحار قديمة وتكوّن جبال الألب

تُعرف الصخور النيوموليتية (أو النموليتية) بأنها نوع من الصخور الرسوبية الجيرية التي تميز حقبًا جيولوجيًا محددًا يُعرف باسم الباليوجين (Paleogene). اكتسبت هذه الصخور اسمها من احتوائها على كميات هائلة من حفريات لكائنات وحيدة الخلية بحرية تُعرف بـ النيوموليت (Nummulites)، والتي تعني "العملات الحجرية" بسبب شكلها الدائري المسطح الذي يشبه النقود المعدنية.

تُعتبر هذه الصخور شاهدًا فريدًا على بيئات بحرية قديمة وعلى تحولات جيولوجية هائلة أدت إلى تشكيل بعض أشهر سلاسل الجبال في العالم.

عصر الباليوجين: بداية حقبة جديدة للحياة

يمثل حقب الباليوجين بداية حقبة الحياة الحديثة (الحقب الثالثي)، وهي الفترة التي تلت مباشرة الانقراض الجماعي في نهاية العصر الطباشيري (الكريتاسي)، والذي أدى إلى اختفاء الديناصورات والأمونيتات والعديد من أشكال الحياة الأخرى التي سادت في الحقب الثاني.

مع بداية هذا الحقب الجديد، شهدت الحياة على الأرض تحولاً جذريًا:

  • على اليابسة: بدأت الثدييات في التنوع والانتشار لتملأ الفراغ البيئي الذي تركته الديناصورات.

  • في البحار: ظهرت وتطورت كائنات جديدة، وكان من أبرزها النيوموليت (Foraminifera) التي ازدهرت بشكل هائل في البحار الدافئة والضحلة.

التقسيمات الزمنية للباليوجين: الإيوسين والأوليجوسين

ينقسم حقب الباليوجين بشكل أساسي إلى فترتين زمنيتين، لكل منهما خصائصها:

  1. الإيوسين (Eocene): تميزت هذه الفترة بازدهار غير مسبوق لكائنات النيوموليت. أدت وفرة هذه الكائنات إلى تراكم أصدافها الجيرية بعد موتها في قاع البحار، لتشكل طبقات سميكة جدًا من الحجر الجيري النيوموليتي على مدى ملايين السنين.

  2. الأوليجوسين (Oligocene): شهدت هذه الفترة بداية ظهور أشكال أكثر حداثة من الكائنات الحية، وتزامنت مع تغيرات جيولوجية عنيفة، أهمها بداية تكون السلاسل الجبلية الألبية.

الجغرافيا القديمة: بحر التيثس وتكوّن جبال الألب

لفهم كيفية تكون هذه الصخور، يجب أن نتخيل شكل العالم في ذلك الوقت. كانت هناك كتلة قارية شمالية وأخرى جنوبية، يفصل بينهما بحر شاسع ودافئ يُعرف باسم بحر التيثس (Tethys Sea).

كان هذا البحر يمثل حوضًا جيوسينكليناليًا (Geosyncline)، أي حوضًا رسوبيًا ضخمًا وعميقًا تراكمت فيه الرواسب (بما في ذلك أصداف النيوموليت) لسمك هائل على مدى عشرات الملايين من السنين.

بدءًا من حقب الباليوجين، بدأت الصفيحة التكتونية الأفريقية بالتحرك شمالًا والاصطدام بالصفيحة الأوراسية. هذه الحركة العنيفة، التي تُعرف بـ الحركة الألبية (Alpine Orogeny)، أدت إلى:

  1. انضغاط هائل للرواسب السميكة التي تجمعت في قاع بحر التيثس.

  2. طي هذه الرواسب ورفعها إلى الأعلى لتشكل سلاسل جبلية شاهقة.

كانت السلاسل الجبلية مثل جبال الألب وجبال البرانس نتيجة مباشرة لهذه العملية. وهكذا، فإن الصخور النيوموليتية التي نجدها اليوم على قمم الجبال كانت في الأصل جزءًا من قاع بحر قديم، مما يجعلها دليلاً ماديًا على هذه الأحداث الجيولوجية العظيمة. استمرت هذه الحركة التكتونية في العصور اللاحقة (النيوجين)، مكملةً تشكيل هذه السلاسل الجبلية.

شارك المقالة:
720 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook