تستثمر المؤسسات السعودية بكثافة في الذكاء الاصطناعي وتحقق نتائج تضع المملكة في مصاف أكثر الأسواق تقدمًا في العالم، وذلك وفقًا لدراسة جديدة أجرتها شركة ريفر بد (Riverbed)، الرائدة في حلول عمليات الذكاء الاصطناعي للمراقبة والوضوح (AIOps for observability).
تكشف دراسة ريفر بد التي تحمل عنوان "مستقبل عمليات تقنية المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي" أن المؤسسات السعودية زادت إجمالي استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بنسبة تقارب 160% على أساس سنوي. وبشكل لافت، استثمر أكثر من ربع (26%) الشركات السعودية ما يزيد عن 50 مليون دولار أمريكي في مبادرات الذكاء الاصطناعي العام الماضي، مقارنة بمتوسط قدره 18% في الأسواق الأخرى التي شملتها الدراسة.
ويُترجم هذا الزخم القوي إلى نتائج قابلة للقياس. فقد وجدت الدراسة أن 36% من المؤسسات السعودية مستعدة تمامًا لتنفيذ استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي اليوم، بينما يتوقع 78% منها الوصول إلى الجاهزية الكاملة في غضون السنوات الثلاث المقبلة، وهي فترة زمنية تتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
وصرح أكثر من نصف المشاركين (55%) بأن العائد على الاستثمار من مشاريع عمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps) قد تجاوز توقعاتهم بالفعل، وأشار 38% إضافيون إلى أنهم حققوا أهدافهم الأصلية.
وراء هذا النجاح يكمن تركيز متزايد على إدارة البيانات وإمكانية الوصول إليها. حيث يقوم ما يقرب من ثلثي (63%) المؤسسات السعودية بتطوير استراتيجيات بيانات لدعم الذكاء الاصطناعي على مستوى الشركة بأكملها.
وتعكس الشعبية الواضحة للخدمات السحابية نجاح أجندة التحول الرقمي في المملكة وقدرتها على جذب استثمارات من عمالقة الحوسبة السحابية العالميين مثل مايكروسوفت، وأمازون ويب سيرفيسز (AWS)، وجوجل، وأوراكل، الذين ضخوا مليارات الدولارات لإنشاء مراكز بيانات سحابية عالمية المستوى في البلاد.
حاليًا، يتم الاحتفاظ بالبيانات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في بيئات السحابة العامة (31%)، ومراكز البيانات المحلية (27%)، والسحابات الخاصة (25%).
ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض هذا الاعتماد على البيئات الخاصة والمحلية خلال السنوات الثلاث المقبلة مع نقل المزيد من المؤسسات لعمليات المعالجة إلى الحوسبة الطرفية (Edge Computing) (عبر المكاتب الفرعية والمراكز اللوجستية والمصانع)، مما يتيح عمليات أسرع وأكثر ذكاءً.
مع تسارع وتيرة تطبيق الذكاء الاصطناعي، أصبحت إدارة الوضوح والأداء عاملاً حاسماً للنجاح. تستخدم المؤسسات السعودية حاليًا ما متوسطه 13 أداة للمراقبة والوضوح (Observability) مقدمة من تسعة موردين مختلفين، لكن 98% منها تقوم الآن بدمج هذه الأدوات لتبسيط عمليات تقنية المعلومات وتعزيز أداء الأنظمة.
واتفق جميع المشاركين تقريبًا (95%) على أن اعتماد منصة موحدة للمراقبة والوضوح سيساعد الفرق على تحديد المشكلات التشغيلية وحلها بكفاءة أكبر. وقد ذُكر تحسين الإنتاجية كأولوية أعلى من خفض التكاليف، مما يشير إلى التركيز على التحول القائم على الأداء.
يسلط التقرير الضوء أيضًا على الدور المحوري الذي تلعبه أدوات الاتصالات الموحدة (UC) في العمليات، حيث يقضي قادة تقنية المعلومات الآن ما يقرب من نصف (45%) أسبوع عملهم في استخدام هذه الأدوات والتطبيقات. ومع ارتباط 17% من تذاكر الدعم الفني بأنظمة الاتصالات الموحدة، واستغراق كل تذكرة ما متوسطه 40 دقيقة لحلها، تتجه الشركات بشكل متزايد إلى حلول المراقبة المتقدمة.
كما تتبنى المؤسسات السعودية المعايير المفتوحة لتعزيز المراقبة والأتمتة. ويكتسب معيار OpenTelemetry زخمًا خاصًا، حيث فرضت 39% من المؤسسات السعودية استخدامه بالفعل، وتخطط 54% أخرى للقيام بذلك في غضون عامين. واتفق جميع المشاركين تقريبًا (98%) على أن OpenTelemetry خطوة حيوية نحو تحقيق الأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي، بينما قال 95% منهم إن توحيد البيانات عبر التطبيقات والبنية التحتية وتجربة المستخدم أمر بالغ الأهمية لاستراتيجية المراقبة والوضوح لديهم.
وقال معين زهر الدين، المدير الإقليمي الأول لمنطقة الخليج في ريفر بد: "تُعد المملكة العربية السعودية أحد أكثر أسواق الذكاء الاصطناعي إثارة في العالم حاليًا، حيث تمهد المبادرات الحكومية الجريئة ومستويات الاستثمار القياسية الطريق لتحول سريع. ولكن، للاستفادة الكاملة من زخم الذكاء الاصطناعي، يجب على الشركات التغلب على تحدي تنفيذ وتوسيع نطاق مشاريع الذكاء الاصطناعي عبر المؤسسة.
في ريفر بد، نساعد عملاءنا على تحقيق ذلك تمامًا — من خلال تنفيذ حلول عملية للذكاء الاصطناعي كجزء من استراتيجية شاملة لتعزيز التجارب الرقمية، وتحسين عمليات تقنية المعلومات، وتحقيق الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي. وفي جيتكس، نتطلع إلى التواصل المباشر مع قادة الأعمال والتكنولوجيا لمساعدتهم على تسريع رحلاتهم في مجال الذكاء الاصطناعي".
تؤكد دراسة ريفر بد كيف تنتقل المملكة العربية السعودية بحزم من مرحلة التجريب إلى التنفيذ الفعلي في مجال الذكاء الاصطناعي، جامعةً بين الاستثمار الطموح والنضج الاستراتيجي. ومع استمرار المملكة في رحلة التحول الرقمي في ظل رؤية 2030، فإنها ترسي معيارًا جديدًا للتكامل الفعال بين الذكاء الاصطناعي والبيانات وإدارة الأداء في بيئات العمل المؤسسية.
كما أعلنت ريفر بد أنها ستشارك في جيتكس جلوبال 2025 مع موزعيها الإقليميين "ستارلينك" و"مايندوير"، وسيكون لها حضور أيضًا في جناح شركة "ريتش ديجيتال".
عمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps): هي الحلول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لأتمتة ومراقبة عمليات تقنية المعلومات.
المراقبة والوضوح (Observability): هي القدرة على مراقبة أداء الأنظمة التقنية وفهم حالتها الداخلية بشكل كامل.
الحوسبة الطرفية (Edge Computing): هي بنية تحتية تعالج البيانات بالقرب من مصدر إنشائها بدلاً من إرسالها إلى السحابة.
الاتصالات الموحدة (UC): هي دمج أدوات الاتصال المختلفة (مثل الدردشة والمكالمات ومؤتمرات الفيديو) في منصة واحدة.
OpenTelemetry: هو معيار مفتوح المصدر لجمع بيانات الأداء والمراقبة من التطبيقات والخدمات.