مصفوفة من أجهزة المودم وبروتوكول PPP متعدد الارتباطات ونظام ويندوز XP تتحد لتجاوز عتبات النطاق العريض في عصر الإنترنت الهاتفي
نجح صانع محتوى على يوتيوب في بث الفيديو عن طريق ربط 12 خطًا هاتفيًا معًا، ليُظهر الإمكانات الكامنة للتكنولوجيا القديمة. وقدّم الاتصال الناتج سرعة تقارب واحد ميجابت في الثانية، وهي سرعة غير كافية على الإطلاق بمعايير عام 2025، لكنها تذكير مذهل بالمدى الذي كان يمكن أن تصل إليه تقنية الطلب الهاتفي في العصر الذي تميز بضجيج أجهزة المودم المزعج.
نجحت قناة يوتيوب "The Serial Port" في تحقيق أمر لم يكن يتخيله الكثيرون في عصر النطاق العريض (البرودباند): بث مقاطع يوتيوب عبر اتصال الطلب الهاتفي (Dial-up). في أحدث تجاربهم، قام الفريق بربط 12 مودم معًا باستخدام بروتوكول الربط المتعدد (Multilink PPP)، ليصلوا إلى سرعة تنزيل مجمعة بلغت 668 كيلوبت في الثانية (kbps) على جهاز كمبيوتر يعمل بنظام ويندوز XP، وهي سرعة كافية بالكاد لبث الفيديو دون تقطيع.
ووفقًا لصناع المحتوى، قد تكون هذه هي الحالة الموثقة الأولى التي يتم فيها استخدام أكثر من أربعة أجهزة مودم مربوطة معًا بشكل عملي.
في ذروة استخدام الطلب الهاتفي في أواخر التسعينيات، كانت أسرع الاتصالات المتاحة على نطاق واسع تصل إلى 56 كيلوبت في الثانية. وبحلول عام 2000، عرّفت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) النطاق العريض بأنه أي اتصال بسرعة 200 كيلوبت في الثانية أو أسرع، مما دفع تقنية الطلب الهاتفي بالفعل إلى أقصى حدودها. كانت مواقع الويب في ذلك العصر تتكون في الغالب من نصوص وصور مضغوطة، لكن تنزيل الموسيقى أو الفيديو أو الملفات الكبيرة الأخرى كان يستغرق ساعات طويلة ويشغل خط الهاتف بالكامل. وفي النهاية، أدى الطلب المتزايد على السرعة إلى انتشار تقنيات DSL والإنترنت عبر الكابل.
كان أحد الحلول المؤقتة هو بروتوكول الربط المتعدد PPP (Multilink PPP)، وهو بروتوكول تم توحيده في عام 1994 يسمح بربط عدة خطوط هاتفية في قناة بيانات واحدة ذات سعة أعلى. وشملت المحاولات التجارية منتجات مثل بطاقة "Shotgun" من شركة Diamond Multimedia، التي كانت تدمج جهازي مودم بسرعة 56K، لكن الحاجة إلى خطوط هاتف متعددة ودعم من مزودي خدمة الإنترنت حدّت من انتشار هذه التقنية.
بعد ثلاثة عقود، أعادت قناة The Serial Port إحياء الفكرة باستخدام محاكيات خطوط VoIP ومعدات شبكات فائضة من الشركات لاختبار المدى الذي يمكن أن يصل إليه بروتوكول MPPP.
تطلبت التجربة أجهزة مناسبة لتلك الفترة ونظامًا خلفيًا قويًا. كان جهاز الاختبار الأول هو IBM NetVista من عام 2001 يعمل بنظام Windows ME. ورغم نجاحه في ربط جهازي مودم، إلا أن التوسع واجه قيودًا بسرعة، وتحديدًا نقص المنافذ التسلسلية (Serial Ports) ودعم برامج التشغيل.
انتقل المشروع بعد ذلك إلى جهاز IBM ThinkCentre من عام 2004 يعمل بنظام Windows XP، الذي قدم توافقًا أوسع. وبعد تزويده ببطاقة توسعة منافذ تسلسلية من نوع Equinox وبطاقة أخرى بأربعة منافذ من Digi، أصبح النظام يضم 13 منفذ COM متاحًا. وبفضل دعم ويندوز XP المدمج للاتصال المتزامن، تم توصيل عدة أجهزة مودم خارجية من طراز US Robotics Courier، وتزويدها بالطاقة، وتهيئتها بإعدادات مفاتيح DIP متزامنة لتجنب التعارض.
أما من جانب مزود خدمة الإنترنت (ISP)، فقد استخدم الفريق بنية تحتية لشبكات Cisco VoIP لتوليد خطوط هاتفية متعددة تتصل بها أجهزة المودم. وتم إنهاء الاتصالات في جهاز مُركِّز وصول الطلب الهاتفي (Dial-up Access Concentrator) من نوع Total Control، وهو جهاز كان شائعًا لدى مزودي خدمة الإنترنت الصغار في التسعينيات. وعلى عكس إعداد العميل الذي تطلب الكثير من التجربة والخطأ، تعاملت أجهزة المزود مع الجلسات المتعددة بسهولة.
من خلال التوسع تدريجيًا من جهازي مودم إلى أربعة، ثم إلى 12 مودم مربوطًا في النهاية، حققت التجربة سرعة اتصال إجمالية بلغت 668.8 كيلوبت في الثانية. هذه السرعة لم تتجاوز فقط تعريف النطاق العريض الأصلي للجنة الاتصالات الفيدرالية من عام 2000، بل الأهم من ذلك أنها سمحت بتشغيل مقاطع يوتيوب بسلاسة بدقة 144p و 240p.
وأشار فريق The Serial Port إلى أنهم لم يجدوا أي دليل على ربط أكثر من أربعة أجهزة مودم باستخدام بروتوكول MPPP من قبل، سواء في التطبيقات العملية أو في المراجع مثل موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
على الرغم من أن هذا الإعداد غير عملي على الإطلاق مقارنة بأبطأ اتصالات النطاق العريض الحديثة، إلا أن المشروع يعد بمثابة إثبات تقني لمفهوم قديم وتذكير بالبراعة – والقيود – التي ميّزت عصر الطلب الهاتفي للإنترنت.
وقد علّق القائمون على التجربة قائلين: "جانب مزود خدمة الإنترنت عمل ببساطة دون أي حدود واضحة في الأفق".