المدارس الإدارية

الكاتب: سامي - 21 نوفمبر, 2024
المدارس الإدارية

جدول المحتوى

مدارس الفكر الإداري: رحلة تطور علم الإدارة من الكلاسيكية إلى القيادة المعاصرة

يُعد علم الإدارة اليوم ركيزة أساسية لنجاح أي منظمة، فهو يمتلك مبادئ وقواعد ونظريات خاصة به. لكن هذا العلم لم يظهر فجأة، بل تطور عبر ما يقارب مئة عام من خلال أفكار ونظريات قدّمها علماء وباحثون، شكّلت ما يُعرف بـ "مدارس الفكر الإداري".

في هذا المقال، سنستعرض رحلة تطور الفكر الإداري عبر أبرز مدارسه التي ساهمت في تشكيل مفاهيمنا الحديثة عن الإدارة.

ما هو مفهوم المدرسة الفكرية؟

يشير مفهوم "المدرسة الفكرية" في الإدارة إلى مجموعة من العلماء والباحثين الذين يتفقون في رؤيتهم وتفسيرهم لظاهرة معينة. فهم يحددون إطار الظاهرة وطرق دراستها، ولا يشترط أن يتواجدوا في نفس الزمان أو المكان، بل يجمعهم تقارب الأفكار والمنهجيات.


1. المدرسة الكلاسيكية (التقليدية): حجر الأساس

تُعد من أقدم المدارس، وركزت بشكل أساسي على الكفاءة والإنتاجية من خلال تنظيم العمل بشكل منهجي. وتضم ثلاثة اتجاهات رئيسية:

  • اتجاه الإدارة العلمية:

    • المفهوم: استخدام المنهج العلمي المنظم لدراسة العمل وتحسين أداء العاملين. يهدف إلى إيجاد "أفضل طريقة واحدة" لأداء كل مهمة لزيادة الإنتاجية، بما يعود بالنفع على العامل والمنظمة.

    • أبرز الرواد: فردريك تايلور (الأب الروحي لهذا الاتجاه)، فرانك وليليان جلبرت، هنري جانت.

  • اتجاه المبادئ الإدارية:

    • المفهوم: التركيز على المنظمة كوحدة متكاملة، ووضع مبادئ إدارية عامة يمكن تطبيقها في جميع المستويات (مثل التخطيط، التنظيم، القيادة، والرقابة).

    • أبرز الرواد: هنري فايول (الرائد الأول)، شستر برنارد، ماري باركر فوليت.

  • اتجاه البيروقراطية:

    • المفهوم: تقديم نموذج مثالي للمنظمة يعتمد على أسس عقلانية ومنطقية، مثل التسلسل الهرمي الواضح، تقسيم العمل، القواعد والإجراءات المحددة، والتوظيف القائم على الكفاءة.

    • أبرز الرواد: ماكس فيبر (أبو البيروقراطية).


2. المدرسة السلوكية: التركيز على العنصر البشري

ظهرت كرد فعل على تجاهل المدرسة الكلاسيكية للجوانب الإنسانية والنفسية في العمل. وركزت على فهم سلوك الأفراد والجماعات وتأثيره على الإنتاجية.

  • حركة العلاقات الإنسانية (دراسات هوثرون):

    • المفهوم: أثبتت هذه الدراسات أن العوامل الاجتماعية والنفسية (مثل الاهتمام بالموظفين وروح الفريق) لها تأثير أكبر على الإنتاجية من العوامل المادية (مثل الإضاءة والأجور).

    • أبرز الرواد: إلتون مايو.

  • نظرية الحاجات الإنسانية لماسلو:

    • المفهوم: تصنيف الحاجات الإنسانية في تسلسل هرمي يؤثر على سلوك الفرد. يجب إشباع الحاجات الدنيا قبل الانتقال إلى العليا. (الحاجات الفسيولوجية > الأمان > الحاجات الاجتماعية > التقدير > تحقيق الذات).

    • أبرز الرواد: أبراهام ماسلو.

  • نظرية X ونظرية Y لماكريغر:

    • المفهوم: تقديم افتراضين متعارضين حول طبيعة الموظف:

      • نظرية X (سلبية): تفترض أن الموظف كسول، يكره العمل، ويتجنب المسؤولية.

      • نظرية Y (إيجابية): تفترض أن الموظف طموح، مبدع، ويستمتع بالعمل والمسؤولية.

    • أبرز الرواد: دوغلاس ماكريغر.


3. المدرسة الكمية: الإدارة القائمة على الأرقام

تطورت هذه المدرسة خلال الحرب العالمية الثانية، وتركز على استخدام الأساليب الرياضية والإحصائية والنماذج الحاسوبية لتحسين عملية اتخاذ القرار وحل المشكلات الإدارية المعقدة.

  • علم الإدارة وبحوث العمليات: استخدام نماذج رياضية مثل البرمجة الخطية، صفوف الانتظار، والمحاكاة لتحسين التخطيط والتنبؤ.

  • إدارة عمليات الإنتاج: تطبيق الأساليب الكمية بشكل خاص في إدارة إنتاج السلع والخدمات لتحسين الكفاءة والجودة.


4. المدارس الحديثة: نظرة شاملة ومتكاملة

تنظر هذه المدارس إلى المنظمات ككيانات معقدة تتأثر ببيئتها الداخلية والخارجية.

  • مدخل النظم (Systems Approach):

    • المفهوم: يرى المنظمة كنظام مفتوح يتكون من أجزاء متكاملة (أنظمة فرعية) تتفاعل مع بعضها ومع البيئة الخارجية لتحقيق هدف مشترك.

  • المدخل الموقفي (Contingency Approach):

    • المفهوم: لا توجد "طريقة مثلى واحدة" للإدارة تناسب جميع المنظمات. الأسلوب الإداري الناجح يعتمد على الموقف ويتأثر بعوامل مثل حجم المنظمة، التكنولوجيا المستخدمة، وطبيعة البيئة.


5. الاتجاهات المعاصرة والمستقبلية في الإدارة

نتيجة للتغيرات التكنولوجية والعولمة، ظهرت مفاهيم إدارية حديثة تركز على التميز والتكيف.

  • إدارة الجودة الشاملة (TQM): مفهوم ياباني يهدف إلى بناء الجودة في جميع مراحل العمل، بدءًا من التصميم وانتهاءً بوصول المنتج أو الخدمة للمستهلك.

  • المنظمة المتعلمة (Learning Organization): منظمة قادرة على التعلم والتكيف المستمر مع التغيرات. تقوم على أسس مثل التفكير الإبداعي، الرؤية المشتركة، والعمل الجماعي.

  • الوعي الشمولي والمعرفة: مفاهيم مثل الإدارة الإلكترونية، المنظمات الافتراضية، وإدارة المعرفة لمساعدة المنظمات على النجاح في بيئة عالمية متنوعة.

  • القيادة الحديثة: لم يعد القائد مجرد مدير، بل يجب أن يمتلك خصائص جديدة، أهمها:

    • المفكر الاستراتيجي: فهم شامل للعلاقات العالمية والثقافات المختلفة.

    • الخبير التكنولوجي: القدرة على استخدام التكنولوجيا لخلق ميزات تنافسية.

    • القائد الملهم: القدرة على جذب المواهب وتحفيزها.

    • القدوة الأخلاقية: الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية.

شارك المقالة:
1135 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع
youtubbe twitter linkden facebook